عراقجي : الوحدة الإسلامية اليوم واجب شرعي وضرورة حتمية

أكد وزير الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور سيد عباس عراقجي، بأن "الظروف الراهنة في العالم الإسلامي قد حولت الوحدة من مجرد طموح إلى ضرورة حتمية وواجب شرعي".
جاء ذلك في كلمة الدكتور عراقجي خلال الاجتماع التشاوري بين مسؤولي وزارة الخارجية وضيوف المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية بحضور الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ الدكتور حميد شهرياري.
واعرب وزير الخارجية عن سعادته لحضور الاجتماع، كما اثنى على جهود الدكتور شهرياري على تنظيم هذا اللقاء؛ منوها بحلول ذكرى ميلاد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال : ان هذه الأيام الميمونة تُعدّ فرصة ثمينة للحوار حول وحدة العالم الإسلامي، ومناقشة التهديدات التي تواجه الأمة، مشيرا الى "أسبوع الوحدة" (الفترة ما بين 12 و17 ربيع الاول من كل عام هجري التي تحتفي بها ايران الاسلامية احياء للذكرى السنوية لمولد النبي الاكرم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم، وفقا لروايات اهل السنة والشيعة)، واكد بانه يشكل ارضية مناسبة لمتابعة هذا الامر.
وأوضح وزير الخارجية الإيراني : إن ميلاد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا العام له خصوصية فريدة، لأنه يصادف الذكرى الألف والخمسمائة للمولد النبوي الشريف، وقد مهّد هذا الحدث لإقامة احتفالات أكبر وأكثر فخامة في العالم الإسلامي مقارنة بالسنوات السابقة؛ وانطلاقا من ذلك، لقد اقترحنا خلال الاجتماع الأخير لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بأن يُطلق على هذا العام عنوان "عام الوحدة"، وأن تُتخذ ترتيبات خاصة لإحيائه، وقد لقي هذا الاقتراح اهتمامًا.
وشدّد عراقجي على ضرورة الوحدة الإسلامية، قائلاً : إن وحدة العالم الإسلامي ليست مجرد طموح إيجابي أو عمل محبذ، بل هي اليوم ضرورة حتمية وواجب شرعي؛ مبينا ان الظروف الراهنة للأمة الإسلامية تقتضي بأن نعتبر الوحدة ليس تكليفًا فحسب، وانما خيارا".
وتابع : من اجل تحقيق وحدة الدول الإسلامية، يجب اغتنام الفرص والإمكانات الهائلة المتوفرة في العالم الإسلامي؛ مبينا ان الأمة الإسلامية التي تضم مليارًا ونصف المليار انسان مسلم، إذا توحدت، يمكنها تفعيل طاقات عظيمة والمساهمة في نمو وتقدم وارتقاء العالم الإسلامي.
وقال وزير الخارجية : إن هوية ووحدة العالم الإسلامي اليوم مستهدفة أكثر من أي وقت مضى، حيث ان قوة المسلمين تتعرض للهجوم؛ وهو تهديد، برأيي، لم يكن بهذا القدر من الخطورة في الماضي، وللأسف، يتم دعم بأشكال مختلفة من قبل دول غربية وأوروبية وامريكا.
وأضاف : بينما نحن نحتفل بميلاد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ونجتمع معًا، لا ينبغي أن ننسى أن إخوتنا وأخواتنا في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، يتعرضون يوميًا لإبادة جماعية سافرة.
وصرح عراقجي : إن الكيان الصهيوني يستخدم الجوع كسلاح، ويضغط على المدنيين العزل، بل ويهاجم من يحاول الحصول على كمية قليلة من الطعام؛ واصفا هذه الأفعال بانها جرائم حرب واضحة وتتجاوز التصور، مؤكدا بان لم يعد لدى هذا الكيان اي خطوط حمراء وقد ارتكب حتى الان كافة انواع الجرائم.
وأشار إلى صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم الكيان الصهيوني، قائلاً : رغم أن التقدم التكنولوجي جعل العالم كله على دراية بتفاصيل هذه الجرائم، بل ويشاهدها مباشرة عبر البرامج التلفزيونية الحية، لكن هناك العديد من الدول التي ما زالت تلتزم الصمت؛ وهذا امر مؤسف بالنسبة للعالم الإسلامي الذي لا يُظهر رد فعل مناسب تجاه هذه الفجائع.
وتابع عراقجي : لا خيار أمامنا سوى الوحدة لمواجهة هذا التهديد، والذي بالتأكيد سوف لن يقتصر على فلسطين، وقد رأينا آثاره في لبنان وسوريا وحتى خلال الهجمات على ايران.
ورأى وزير الخارجية الايراني، بان دول المنطقة توصلت اليوم إلى نتيجة مفادها أن تهديد الكيان الصهيوني لا يقتصر على نقطة واحدة، بل يستهدف المنطقة بأكملها والعالم الإسلامي؛ موضحا ان الصهاينة يسعون إلى زرع الفرقة والهوان وتفكيك الأمة الإسلامية، وقد وصل بهم الأمر إلى حد لكي يطرحوا من جديد فكرة "إسرائيل الكبرى" بشكل علني.
وأضاف : من خلال استعراض النتائج الإيجابية التي حققتها المقاومة البطولية للشعب الفلسطيني، والحروب المفروضة على سوريا وإيران، فإن حقيقة التهديد الرئيسي للمنطقة باتت واضحة لدى الجميع، وذلك بعدما تم السعي له على مدى سنوات لتصوير إيران كتهديد، لكن اليوم انكشفت الحقيقة، وأدركت الدول الاقليمية بأن إيران كانت محقة؛ العدو الحقيقي هو الصهيونية.
ومضى عراقجي الى القول : اليوم تتنامى وتتعزز علاقات التعاون بين دول المنطقة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتُعرف إيران كصديق وداعم حقيقي للمسلمين وشعوب المنطقة.
كما أشار وزير الخارجية الايراني، إلى السياسات العدائية التي ينتهجها الكيان الصهيوني، قائلاً : لقد انخدع البعض بالدعاية الغربية وارتكبوا خطأ في تقييم الكيان الصهيوني؛ مبينا ان هذا الكيان يشكل اليوم التهديد الرئيسي للمنطقة، والجرائم التي ارتكبها في غزة ولبنان واضحة للجميع.
وتابع : في سوريا، نشهد يوميًا هجمات جديدة، وقد تجاوزت مساحة الأراضي المحتلة السورية في الفترة الأخيرة مساحة غزة؛ مردفا ان هذه الاحتلالات، مضافا الى القصف اليومي والسعي لتقسيم سوريا، تُعدّ ناقوس خطر جدي للمنطقة بأسرها.
وشدّد عراقجي على التزام إيران بمبدأ احترام سيادة الدول، وقال : ان ما يحدث في لبنان هو قرار الشعب اللبناني، وما يحدث في سوريا يخص الشعب السوري؛ نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن من الطبيعي أن نعبر عن مخاوفنا ونطرح وجهات نظرنا في المحافل الدولية.
كما تطرق الى الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على ايران لمدة 12 يومًا، مصرحا : لقد كان هذا الكيان يعتقد بأنه من خلال شن هجوم مباغت يستطيع إجبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التراجع، لكنه ارتكب خطأ كبيرًا في الحسابات، خلال الأيام الأولى، طالبت أمريكا وبعض الدول بإجراء مفاوضات، بينما كنا بالتزامن مع بداية الحرب، نسير في اتجاه الدبلوماسية، ولو كانت هناك مفاوضات، فإن شرطها المسبق هو وقف العدوان؛ وفي نهاية الحرب، تقدم هؤلاء باقتراح وقف إطلاق النار من دون شروط مسبقة.
واعتبر وزير الخارجية، هذه التجربة بانها لقنت أمريكا وداعمي الكيان الصهيوني درسا كبيرا، واردف : لقد أدركوا أنه لا يوجد حل عسكري لقضية إيران؛ انما الطريق الوحيد الممكن هو الدبلوماسية العادلة القائمة على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، حيث ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تغادر طاولة المفاوضات أبدًا، ولطالما كانت مستعدة لاجراء حوار نزيه وعادل.
كما نوه عراقجي بالوحدة الوطنية للشعب الإيراني خلال هذه المعركة، مصرحا : لقد كان أعداؤنا يعوّلون على التفرقة، لكن في الحرب التي استمرت 12 يومًا، تبيّن بأنه لا فرق بين الشيعة والسنة، العرب والفرس، بل الجميع دافعوا عن الوطن تحت هوية واحدة تُدعى إيران.
وأشار إلى ضرورة الوحدة العملية في العالم الإسلامي، قائلاً : من اجل التصدي للأعداء اللدودين، يجب ألا تبقى الوحدة مجرد كلام، بل يجب أن تُترجم إلى أفعال حقيقية؛ ان إصدار القرارات ضروري، لكنه غير كافٍ، شعب غزة اليوم بحاجة إلى الغذاء والماء والدواء، ويجب على الدول الإسلامية أن تقف إلى جانبهم بإجراءات عملية، كما يجب على الدول التي لا تزال تحتفظ بعلاقات دبلوماسية أو تجارية مع الكيان الصهيوني أن تقطع هذه العلاقات، لأن ذلك واجب عقلي وإنساني وديني.
وفي ختام كلمته، دعا وزير الخارجية الباري تعالى بأن يؤلف بين قلوب المسلمين، حتى تُثمر جهودهم الهادفة الى صون عزّة وكرامة الأمة الإسلامية.