عضو مجلس خبراء القيادة في ايران :
على علماء الامة اغتنام اسبوع الوحدة للدعوة الى الالتزام بحبل الله في مواجهة التحديات الراهنة
نوّه عضو مجلس خبراء القيادة في ايران عن اهالي محافظة خوزستان (جنوب غربي البلاد) اية الله محسن حیدری آلکثیر، بحلول أسبوع الوحدة للعام 1447 هـ (يبدا من 12 وينتهي في 17 من شهر ربيع الاول الهجري في كل عام هجري، ويشير الى ذكرى مولد الرسول الاكرم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم، وفق روايات المذهبين السني والشيعي)، قائلا : انها فرصة مواتية للدعاة وللمصلحين بأن يدعوا المسلمين جميعًا للالتزام بحبل الوحدة الإلهية في كل زمان وفي كل مكان، خاصة في ظل الظروف التي تتعرض فيها الأمة الإسلامية لأخطار فعلية محدقة بها.
واضاف اية الله ال كثيري في مقال له خلال الندوة الافتراضية للمؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الاسلامية : في زماننا هذا، إخوتي في الله، أخواتي في الله! يلزم على الأمة الإسلامية، شعوبًا وحكومات وعلماء ومراجع ونخب، أن يتمسكوا بحبل الوحدة الإلهية، وأن ينبذوا الخلافات المذهبية والطائفية والقومية والعرقية والسياسية والجغرافية فيما بينهم، ويوحدوا صفوفهم، ويكونوا صفًا كأنه بنيان مرصوص كما دعانا إليه القرآن الكريم: [واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا].
وافادت "تنـا" ان نص مقال عضو مجلس خبراء القيادة في ايران اية الله محسن حيدري ال كثيري خلال هذه الندوة جاء على الشكل التالي :-
بسم الله الرحمن الرحيم/
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
السلام عليكم إخوتي في الله، أخواتي في الله، أبارك لكم هذا الأسبوع المقدس، الأسبوع المبارك، وهو أسبوع الوحدة الإسلامية ببركة مولد سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، ومولد حفيده الإمام جعفر الصادق (ع)؛ وأبارك للأمة الإسلامية جمعاء، خاصة العلماء والنخب والمراجع، وبالأخص زعيم المسلمين، ولي أمر المسلمين، الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى.
وأسجل شكري الجزيل لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية من أجل إتاحتي هذه الفرصة للكلام مع عامة المسلمين.
إخوتي في الله، أخواتي في الله، إن أسبوع الوحدة فرصة مواتية للدعاة وللمصلحين بأن يدعوا المسلمين جميعًا للالتزام بحبل الوحدة الإلهية في كل زمان وفي كل مكان، خاصة في الظروف التي تتعرض فيها الأمة الإسلامية لأخطار فعلية محدقة بها، فيتضاعف اللزوم للوحدة الإسلامية، وفي مثل هذه الظروف ينبغي أن تترك الخلافات الداخلية، وإذا لزم بأن تُبيَّن بعض الحقائق، يلزم اتخاذ السبل المنطقية الهادئة لتبيين الحقائق، وأن تُجتنب الأساليب غير المنطقية وغير العلمية التي تثير الحفائظ وتحرك العواطف وتمس بكرامة الآخرين؛ هذا الشيء مضر جدًا، وهذه حقيقة هامة جدًا أشار إليها مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في نهج البلاغة في الخطبة رقم 162.
في الظروف التي كان أمير المؤمنين (ع) يعيش فيها، لأنه تعرض لهجوم البغاة، وفي معركة صفين حينما كان يتعرض النظام الإسلامي، والإسلام المحمدي (ص) الأصيل الذي كان أمير المؤمنين يتبناه، كان يتعرض لأخطار محدقة به من قبل الإسلام الأموي.
ففي تلك الظروف جاء أحد أصحابه وسأل الإمام، وسأله عن أحداث السقيفة، فانظروا إلى رد فعل الإمام أمير المؤمنين، إنه استنكر عليه هذا السؤال في تلك الأحوال، ونصحه بأن لا يكون قلق الوضين ومضطرب الحال، وفي نفس الوقت الذي بيّن له الحقيقة بصورة إجمالية بلا أن يمس أحدا، أشار إلى هذه النقطة بأنه في الظروف التي نتعرض فيها لأخطار مثل أخطار بني أمية، يلزم أن نتوجه إلى هذه الأخطار ونترك القضايا الأخرى.
فهذه عبرة تاريخية، أذكر لكم نص هذه الخطبة باختصار وبسرعة لنستفيد من هذه الدروس القيمة من نهج البلاغة.
يقول السيد الرضي (قدس سره) : ومن كلام له (عليه السلام) لبعض أصحابه وقد سأله "كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟" فقال : يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ، وَلَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وَحَقُّ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ، أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ - وَنَحْنُ الْأَعْلَوْنَ نَسَبًا وَالْأَشَدُّونَ بِالرَّسُولِ (صلى الله عليه وآله) نَوْطًا- فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ؛ وَالْحَكَمُ اللَّهُ وَالْمَعْودُ إِلَيْهِ الْقِيَامَة. وَدَعْ عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ، وَلَكِنْ حَدِيثًا مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ وَهَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ، وَلَا غَرْوَ وَاللَّهِ، فَيَا لَهُ خَطْبًا يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ وَيُكْثِرُ الْأَوَدَ، حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ مِنْ مِصْبَاحِهِ وَسَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ، وَجَدَحُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ شِرْبًا وَبِيئًا، فَإِنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا وَعَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى، أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ.
فأمير المؤمنين (ع) يعلمنا في هذه الكلمة وفي هذا الموقف كيف نواجه العدو الشرس الذي تحيط بنا أخطاره، وأن ندع جانبًا القضايا الخلافية التي لها وقت آخر.
وفي زماننا هذا، إخوتي في الله، أخواتي في الله! يلزم على الأمة الإسلامية، شعوبًا وحكومات وعلماء ومراجع ونخب، أن يتمسكوا بحبل الوحدة الإلهية، وأن ينبذوا الخلافات المذهبية والطائفية والقومية والعرقية والسياسية والجغرافية فيما بينهم، ويوحدوا صفوفهم، ويكونوا صفًا كأنه بنيان مرصوص كما دعانا إليه القرآن الكريم: [اعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا]؛ يجب علينا في هذا الزمان اتخاذ هذا الموقف الرشيد، لأن أعداء الإسلام قد كشروا عن أنيابهم ضد الإسلام والمسلمين.
لقد شاهدنا في هذين العامين الأخيرين ماذا فعلت الصهاينة بفلسطين وبغزة رجالًا ونساءً؛ قتلوا منهم عشرات الآلاف، ولم يرحموا النساء ولا الأطفال، هدّموا المستشفيات والمساجد والجوامع والمدارس وهدموا حتى الكنائس، وكل شيء.
وقد جوّعوا الفلسطينيين، وجوّعوا أهل غزة، ومنعوهم من الماء ومن الغذاء، وهذا في الملأ الأعلى، وفي كل مكان، وعلى مسمع ومرأى كل العالم، قد حصل هذا الاعتداء، كما اعتدت الصهاينة على سوريا، وعلى لبنان، وعلى الأردن من ذي قبل، وعلى مصر، وفي الأخير على إيران.
هذه جرائمهم معلومة، وفي الأخير، النتن ياهو، قد أعلن بما كان يحمله الصهاينة في ضمائرهم وفي قلوبهم من أحقاد ومن مخططات شيطانية، "من النيل إلى الفرات أو إلى السند"، حيث صرّح بأنهم عازمون على تشكيل "إسرائيل الكبرى" بما تشمل لا فقط فلسطين، بل تشمل لبنان وسوريا ومصر والأردن والسعودية والعراق والخليج الفارسي، وإذا قدروا، لا شك ولا ريب أنهم سيعتدون على سائر البلدان الإسلامية.
وقد جاء في مخططاتهم عند حكماء صهيون أنهم صرّحوا بأن "حدود أراضينا ما وصلت إليه حوافر خيولنا"؛ هذا هو المخطط الذي تتبناه الصهاينة، وقد أعلنوا عنه صريحًا.
إذن، إذا لم يبتعد المسلمون شعوبًا وحكومات، ويتحدوا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، الذين قاموا بالتطبيع يقطعوا تطبيعهم، ويشتطبوا على التطبيع، ويعطلوا سفارات "إسرائيل" في بلدانهم، والذين يصدرون النفط والغاز لهم يقطعوا هذه المواد، ويشكلوا جيشًا إسلاميًا موحدًا يحامي ويدافع عن أرض المسلمين، وعن عزّة المسلمين، ولا طريق لاستقلال المسلمين ولحريتهم ولعزتهم ولكرامتهم إلا هذه الوحدة الإسلامية بجميع أبعادها ونواحيها؛ وإلا إذا حصل التواني فيما بين المسلمين، والتساهل، والتواكل فيما بينهم، لا قدر الله، سوف نشاهد مجازر في مصر، وفي السعودية، وفي العراق، وفي سوريا، وفي الأردن، وغيرها مثل مجازر غزة.
سنشاهد التجويع ضد المسلمين خاصة العرب، هذه هي النتيجة القطعية للتخاذل وللتكاسل وللتواني فعلينا ان نشد احزمتنا وان نتوكل على الله وان نتوحد وان نتيقن بالنصر القطعي الى عند ذاك.
إن الله سبحانه وتعالى يقول : [وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ]، وهذا الوعد الصادق قد شاهدناه في إيران، في الأشهر الأخيرة، حينما اعتدت الصهاينة على إيران، وكذلك الأمريكان، ووقف الشعب المسلم الإيراني متوحدًا متلاحمًا إلى جنب قواته المسلحة، وخلف قيادته الحكيمة المتجسدة بولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى؛ ماذا حدث؟ حدث الانتصار لإيران الإسلام، واعترف به العالم كله نتيجة لذلك التوحد، وذلك التلاحم، وهذا التضامن.
إذًا يا إخوان، يا أخوات! لا طريق لنا للنجاح، وللنجاة، وللاستقلال، وللحرية، والكرامة الإسلامية للبلدان المسلمة إلا الوحدة الإسلامية.
والسلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.
