داعية اسلامي عراقي :
الوحدة اصبحت ضرورة للامة في ظل التحديات الراهنة
قال رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي في العراق "الشیخ عبد القادر الحسني الالوسي" : ان الوحدة الاسلامية اليوم انتقلت من أمر مستحب إلى أمر وجوبي، وإلى ضرورة حقيقية تحتاجها الأمة في ظل المرحلة الراهنة، حيث التحديات والاعتداءات الصهيونية والأمريكية على بلاد المسلمين.
جاء ذلك في حوار خاص اجرته وكالة انباء التقريب (تنـا) مع الشيخ الالوسي، على هامش المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الاسلامية الذي عقد في 8 سبتمبر / ايلول 2025م وانتهى في العاشر من الشهر نفسه؛ برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية.
وقد اشار هذا الداعية الاسلامي العراقي الى دور المؤتمرات الاسلامية الدولية ولاسيما مؤتمر الوحدة الذي تحتضنه ايران سنويا، في تطبيق النظريات والتطلعات الاسلامية على ارض الواقع؛ قائلا : لقد حضرت في الدورات السابقة لمؤتمر الوحدة الاسلامية، حيث كان يسمى بمؤتمر التقريب انذاك، ولكن حين تقدم خطوات نحو المسمى بمؤتمر الوحدة، فهذه خطوة عملية.
واضاف : ان انعقاد هذا المؤتمر في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة والأمة الإسلامية، بالتزامن مع جهاد ومعاناة أهل غزة، ومزامنة مع الاعتداءات الصهيونية على الدول الإسلامية العربية وغير العربية، والاعتداء على الجمهورية الإسلامية بالذات، فكل هذه الأجواء المحيطة والبيئة التي تتزامن مع هذا المؤتمر أو المؤتمر يتزامن معها، تجعل من الخطوة العملية مسألة ضرورية.
وتابع الالوسي : في هذا المؤتمر، الكل يجمع على أن الوحدة انتقلت من أمر مستحب إلى أمر وجوبي؛ نعم وإلى ضرورة حقيقية تحتاجها الأمة في هذه المرحلة أمام التحديات وأمام الاعتداءات الصهيونية والأمريكية على بلاد المسلمين.. إذن اصبح من الضروري أن ينتقل مثل هذا المؤتمر إلى حالة عملية، ولو بأي اتجاه أو جزئية لتجسيد الوحدة الإسلامية أو مضامين هذه الوحدة، بما في ذلك انشاء مؤسسة عملية تُعنى بالدعوة إلى الوحدة نفسها؛ فالمرحلة صعبة جدًا وتحتاج إلى جهاد كبير ووقفة حقيقية من الامة.
ولفت رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي في العراق، الى ان المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية يتميز في دورته التاسعة والثلاثين (هذا العام) بحضور لافت ونوعي، لأن ضيوفه جاؤوا جميعًا في هذا الظرف الصعب وتحت الخطورة الكبيرة والتحديات الكثيرة، ليقفوا مع الجمهورية الإسلامية في ايران، ويقفوا مع القضية الفلسطينية، ويقفوا وقفة واحدة مع إخوتهم بكل ألوانهم وأطيافهم، سواء القوميات والأفكار والمذاهب المختلفة.
وفي اشارة الى سير الانتقال الملحوظ من النظام العالمي احادي القطبية وهيمنة الغرب المطلقة نحو التعددية القطبية، قال : انه امر محتوم وفقا لراي الخبراء والمحللين السياسيين العالميين، الذين يرون أن القطبية الواحدة اضرت بالمجتمع الإنساني والبلدان، سواء الإسلامية وغير الإسلامية؛ لافتا الى ان الرد الإيراني العسكري المؤثر الذي أجبر العدو الصهيوني على طلب وقف إطلاق النار، كان له أثر كبير في رسم مستقبل المنطقة والأمة والعالم.
واستطرد الالوسي : نحن رأينا تواجد قادة من الشرق في مؤتمرات تتعلق بالصين وكوريا وروسيا والهند؛ لان هذه الدول المؤثرة الكبرى، شعرت بخطورة حقيقية من جانب المشاريع الغربية باتجاههم، حيث الاستيلاء على الثروات، وعلى الاقتصاد والحركة الاقتصادية، والسلاح، وعلى النقد العالمي.
وتابع : هناك ايضا التحدي للثقافة والقيم الإنسانية، بفعل الغرب الذي اسفر عن وجه كالح، حقيقة، في إعطاء الانفتاح والتحلل الأخلاقي صبغة قانونية، وأصبحوا يرعون التوجهات الشاذة في بلدانهم؛ ان هذا التحدي للإنسان وتحدي للقيم الإنسانية، وخاصة للدول الشرقية التي تحمل قيمًا إنسانية عالية وحضارات عريقة، استنفر الفكر الإنساني، والقوى الكبرى المنافسة للغرب، من انها يجب أن تقف وقفة واحدة وتتصدى.
ومضى الى القول : كما اسلفت، فإن المحور الإسلامي من خلال الرد الإيراني والرد اليمني، جعل النظرة تختلف اليوم؛ بأن هناك قطب يقاوم، ودول تتحدى، وهناك كلمة "لا" للمشروع الغربي، وليس "لا" نظرية ولا ناعمة، وإنما خشنة متمثلة في صواريخ عابرة وفرط صوتية.
واوضح رجل الدين البارز في العراق : ان هذا كله يرسم معالم مرحلة جديدة، تكون القطبية فيها متعددة، وكُسرت حقيقة الهيبة المزيفة "للجيش الذي لا يُهزم"، والهيمنة الأمريكية التي ترى نفسها الاقوى؛ كل ذلك حقيقة يجعلنا أمام مرحلة جديدة فيها كثير من الأمل، حيث تعاد التوازنات للمنطقة والعالم.
وردا على سؤال حول الاسباب وراء استمرار صمت عدد من الانظمة الاسلامية والعربية حيال ما يجري من جرائم ابادة وتجويع في حق الشعب الفلسطيني ولاسيما سكان قطاع غزة، بينما نشاهد يوميا احتجاجات شعبية في دول أوروبية وحتى الولايات المتحدة، قال الشيخ الالوسي : هذه المرحلة من حياة الأمة وتاريخ الإنسانية تصاحبها مفاجآت، بما في ذلك الوضع في قطاع غزة ومقاومتها العظيمة التي كبدت العدو الصهيوني خسائر فادحة، كذلك مفاجآت اليمن وموقفه الكبير، رغم ظروفهم الصعبة، وهي مفاجآت لم تكن متوقعة في حسابات المحللين.
واضاف : بالمقابل نشاهد هذا الخذلان والخنوع لبعض الدول التي كان يُؤمَل أن يكون لها موقف، ليس فقط المواقف العسكرية، وربما لو كان هنالك موقف اقتصادي أو حصار أو إيقاف الدعم للكيان الصهيوني لتكبد خسائر كبيرة، ولو كان هناك مثل هذه الوقفة لتردد العدو ولم يتجرأ على ما يفعله اليوم في الفلسطينيين، وهو يعلم بأن لهذا الشعب إخوة من العرب ومن المسلمين، لكن العكس حدث، وقد ساد المواقف العربية والاسلامية، هذا الخنوع والخذلان والتطبيع، وهو من مفاجآت التاريخ.
