استاذة جامعية من العراق : الرسالة الاسلامية تحمل هم الشعوب المستضعفة عامة
تؤكد الباحثة في الشان الاسلامي، والاستاذة الجامعية العراقية حسناء صدر الدين القبانجي، ان "الرسالة الإسلامية تحمل همّ الشعوب المستضعفة، وتقوم بعملية الجهاد من أجل تحريرها".
واوضحت الاستاذة قبانجي في مقال لها خلال الندوة الافتراضية للمؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الاسلامية التي عقدت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ان القران الكريم دعا المسلمين للقتال من أجل نصرة الشعوب المستضعفة عامة، من المسلمين وغير المسلمين؛ مستدلة بالاية ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾.
وفيما يلي نص هذا المقال : -
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
موضوعنا اليوم "المقاومة اتجاه أعداء الإسلام في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة المستكبرين".
هناك ثلاثة مناهج أو ثلاثة مفاهيم اتبعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة المستكبرين :
المنهج الأول - هو منهج الدعوة إلى سبيل الله والحوار المفتوح.
المنهج الثاني - هو منهج المقاومة والصبر.
والمنهج الثالث والأخير - هو منهج الجهاد.
في المنهج الأول، وهو منهج الدعوة إلى سبيل الله والحوار المفتوح، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قومه في مكة المكرمة في بداية الدعوة إلى الإسلام، وتحمل في هذا المجال ما تحمل، وكانت لغته في هذا المجال لغة الحوار والدعوة إلى التفكر، كما تشير الآيات الكريمة: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾، أو الآية: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، والآية أيضًا: ﴿قُلْ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾.
في هذه الخطوة، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت لغته هي لغة الحوار والدعوة إلى التفكر.
المنهج الثاني منهج المقاومة والصبر؛ لما بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعوته جهرًا إلى الإسلام، كما نعلم، كذّبه قومه وعادوه، وبعد أن كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الصادق الأمين"، لقبوه بالساحر أو مجنون.
ومع كل هذا الأذى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لعمه أبو طالب : [والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر أو أُقتل دونه ما تركته]؛ فنرى كيفية المقاومة والصبر في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هناك آيات كثيرة تدل على الصبر في هذه المقاومة في مواجهة الأذى، وأيضًا عدم التنازل للمستكبرين والطاغين؛ وليس فقط ضرورة الصبر والتنازل في مواجهة المستكبرين، بل تؤكد الآية: ﴿فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، فهذه هي لغة المقاومة بالمثل.
ولهذه المواجهة تؤكدها الآية : ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾، فلهذا نتعلم من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضًا من الآيات القرآنية، المقاومة والصبر في مواجهة الأذى، وايضا عدم الاستسلام والتنازل في مقابل المستكبرين، وإعداد القوة في هذه المواجهة.
وهنا نصل إلى المنهج الثالث، وهو منهج الجهاد، بمعنى الزحف إلى العالم لفتح الآفاق لدين الله سبحانه وتعالى، كما تؤكد الآيات وتبشر المسلمين بخاتمة هذه المسيرة، أن الخاتمة تكون لدين الله سبحانه وتعالى، كما تقول الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، أو كما تقول الآية: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾.
هنا كانت التأكيدات النبوية أيضًا، [لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من ولدي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا].
فهنا انتقلنا من مرحلة المقاومة إلى مرحلة الفتوحات والجهاد، ولهذا نرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أرسل رسله إلى كسرى وإلى قيصر ملك الروم، ويدعوهم إلى الإسلام.
هنا وضع القرآن الكريم مفهوم المستكبرين والمستضعفين، ودعا المسلمين للقتال من أجل نصرة الشعوب المستضعفة عامة، من المسلمين وغير المسلمين، وتقول الآية : ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾.
إذًا، الرسالة الإسلامية تحمل همّ الشعوب المستضعفة، وتقوم بعملية الجهاد من أجل تحريرها.
وهذا الأمر الفقهي يقول فيه الفقهاء إن الجهاد الابتدائي مشروط بوجود الإمام المعصوم، وما عدا ذلك، وما عدا وجود الإمام المعصوم ظاهرًا، فإن الموقف هو الموقف الدفاعي والمقاومة، وليس الجهاد الابتدائي. فلهذا نحن نرى الآن المسلمين في مرحلة المقاومة والصبر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
