باحث اكاديمي عراقي : هوية الامة فوق الاعتبارات القومية والمذهبية والسياسية
قال الباحث الاكاديمي العراقي الدكتور صباح برزنجي : ان الأمة المسلمة، قبل كل شيء، لها هوية عقائدية وفكرية تتمثل في العقيدة التوحيدية، والإيمان بالله، والاعتماد عليه في الكينونة والصيرورة؛ وهذه الهوية هي فوق الاعتبارات القومية والمذهبية والجغرافية، وحتى فوق الاعتبارات السياسية والأيديولوجية.
وفي مقال له خلال الندوة الافتراضية للمؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الاسلامية، دعا الدكتور برزنجي المسلمين، للعودة إلى الثوابت العقدية والفكرية التي تجمعهم، والنظر إلى المذاهب الفقهية والكلامية والمشارب الصوفية، وحتى إلى الدول والحكومات المسلمة، تحت شعاع هذه الثوابت؛ مبينا ان "هذه النظرة التكاملية والمعرفية تؤهلنا لقيادة العالم والشهادة على الناس في عصرنا الراهن".
وفيما يلي نص هذا المقال : -
بسم الله الرحمن الرحيم/
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
الأساتذة والمشايخ الكرام، أحييكم بتحية الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يسرني ويشرفني أن أشارك هذه النخبة الكريمة من العلماء والمفكرين في هذا الملتقى المبارك، للتباحث والتحدث عن "هموم الأمة الإسلامية والتحديات المحدقة بها"، امتثالًا للحديث النبوي الشريف الذي يبين لنا أهمية التفاكر والتباحث بين المسلمين في أمورهم العامة والخاصة؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : [من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم].
وأمر المسلمين في هذه المرحلة بحاجة إلى تشخيص دقيق، ومن ثم إلى معالجة جذرية يتم من خلالها استعادة الهوية الحضارية للأمة الإسلامية، ولدورها الريادي في إرشاد البشرية إلى وعيها وإدراك ذاتها، ومن ثم خلاصها من نير العبودية والتبعية وما إلى ذلك.
الأمة المسلمة، قبل كل شيء، لها هوية عقائدية وفكرية تتمثل في العقيدة التوحيدية، والإيمان بالله، والاعتماد عليه في الكينونة والصيرورة. وهذه الهوية هي فوق الاعتبارات القومية والمذهبية والجغرافية، وحتى فوق الاعتبارات السياسية والأيديولوجية.
فعلى المسلمين، قبل كل شيء، العودة إلى الثوابت العقدية والفكرية التي تجمعهم، والنظر إلى المذاهب الفقهية والكلامية والمشارب الصوفية، وحتى إلى الدول والحكومات المسلمة، تحت شعاع هذه الثوابت. وتلك نظرة تكاملية معرفية تؤهلنا لقيادة العالم والشهادة على الناس في عصرنا الراهن.
إن علينا النظر إلى المذاهب الفقهية والكلامية والطرق الصوفية جميعًا باعتبارها مدارس متكاملة ومتداخلة، وليست دوائر متقاطعة متناحرة ومتحاربة فيما بينها.
لأننا بهذا التمثل وهذا الاعتبار نستطيع التغلب وتجاوز كل التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تحيط بنا لإعاقة مسيرتنا وتغيير مسارنا، وكذلك تغيير هويتنا، وكل هذه المؤامرات والتحديات، لنتبع الآخر ونلحق به أيديولوجيًا وسياسيًا واقتصاديًا وسلطويًا، حتى يتمكنوا من نهب ثرواتنا البشرية وثرواتنا الطبيعية، ويتمكنوا من إعاقة الحركة التوحيدية في العالم.
التحديات السياسية والعسكرية والأيديولوجية والاقتصادية في كل بلد من بلدان المسلمين أكثر من أن تُحصى؛ ولهذا، لا بد من تشخيص هذه التحديات والتعامل معها بحذر ودراية، حتى لا نقع في حبالتها، ولا تكون خططنا تجري حسب السيناريوهات المرسومة من قبل أعداء الأمة المتربصين بها.
وكلي أمل أن يتمكن المؤتمرون من وضع خارطة فكرية وعقدية تكاملية فيما بينهم، للاحتفاظ بالهوية الإسلامية الشاملة، وإعادة الثقة إلى أبناء الأمة في مواجهة التحديات الراهنة وما ذلك على الله بعزيز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
