آیة الله رضا رمضاني : الاسلام يحارب الذين يصدون طريق العدالة وحقوق الإنسان

آیة الله رضا رمضاني : الاسلام يحارب الذين يصدون طريق العدالة وحقوق الإنسان

قال الامين العام للمجمع العالمي لاهل البیت (ع)، "اية الله رضا رمضاني" : لقد شرع الإسلام بالحرب لمواجهة الظالمين والطامعين والمزورين، ومواجهة من يريدون استعمار البشرية، وكل هذا من أجل أن يستفيد البشر من العدالة؛ مبينا ان دين الاسلام يشن حربا ضد أولئك الذين يقفون بوجه العدالة وحقوق الإنسان.


ولفت "اية الله رمضاني"، في كلمته خلال الاجتماع الافتراضي لمؤتمر الوحدة الاسلامية الـ 37، بانه "من المسائل الهامة المطروحة اليوم في الإسلام ويجب على علماء الإسلام أن يعيدوا النظر ويفكروا فيها أكثر، هو مفهوم السلام والحرب وما شابه ذلك".
واوضح : عند مراجعتنا للآيات القرآنية، نجد أن الإسلام يثير مسألة تربية الإنسان، وضرورة التكامل التربوي عند الإنسان؛ لقد جاء الأنبياء لهداية الإنسان وإرشاده الى الطريق الصحيح، ومن الواضح جداً في القرآن الكريم أن الله تعالى هو الموكل بالهداية في مجال التكريم وفي مجال التشريع، وقد أرسل الأنبياء وأنزل الكتب السماوية، حتى يستدل الناس الى الطريق الذي يجب أن يسلكوه، ولذلك فإن من أهم المهام الموكلة إلى الأنبياء هي ارشاد الخلق على الطريق الصحيح.
وقال اية الله رمضاني : إن السيادة والحكم في النظام الإسلامي هو مقدمة للوصول إلى الكمال الفردي والاجتماعي. وينبغي أن تتاح لنا جميعاً هذه الفرصة؛ حيث انه في الحكم المبني على العدالة والعقلانية والروحانية، يتم توفير هكذا أرضية حتى يتمكن الإنسان من الرقي نحو الكمال الفردي والاجتماعي، ولا تكون هناك المزيد من العوائق الخارجية التي تعيق هذا المسار.
وتابع : لهذا ترى أن الأنبياء قد أرسلوا لهذا الغرض، وفيما يتعلق بالنبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يقول القرآن الكريم "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". وحتى الرسول الأكرم قال "إنما بُعِثتُ رحمةً" لقد كان تدبير النبي مبني على الرحمة، ولكن على أساس الأخلاق والسلوك والتي يمكنها أن تكون عامل جذاب؛ [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ]، هذه نقطة مهمة جداً.
ولذلك فإن القرآن الكريم، بل جميع الأنبياء الذين جاؤوا وأحضروا معهم الكتب، كان مرادهم أن يصل الإنسان إلى هذه الرحمة الإلهية، اي الكمال، وإلى معرفة الطريق والوجهة. واوضح الامين العام لمجمع التقريب، "لذلك فإن الإسلام لا يسعى إلى إثارة الحرب بين البشر، ففي سورة الحجرات المباركة يقول الله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ]، بمعنى ان خيركم مع أتقاكم، وأكرمكم مع أتقاكم، أي انطلاقاً من القيم الروحية، القيم الإنسانية، علينا هنا أن نجد فهماً شاملاً لهذا الحيز، أي الإنسان، لكن في المقابل نرى أن هناك سلسلة من الآيات التي تدعو النبي للقتال، مثلا [وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ]، [وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" ويقول تعالى في آيات أخرى "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ].
وقال : ان البعض بسبب عدم تمكنهم من التحليل الصحيح لهذه المجموعة من الآيات، ينسب العنف إلى الإسلام وإلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. لانهم لايفقهون لغة القرآن، ومن يجهل لغة القرآن ينسب للاسلام والنبي هذا الكلام، وبما يلزم على علماء المسلمين التصدي لمسؤولية التوعية بهذا الشأن من خلال النظر في الآيات التي جاءت في هذا السياق، وتوضيح شان نزولها، ولماذا تم تكليف الرسول الكريم (ص) وهو رحمة للعالمين بمثل هذه الاوامر.
ولفت عالم الدين الايراني البارز، بانه في الإسلام عندما تراجع كل آياته تجد أن الحديث عن السلام له فلسفة وأساس. وان السلام المذكور في القرآن الكريم مبني على العدل، أي أن العدل يسبق كل شيء ويخيم عليه؛ لقد جاء الأنبياء ليقيموا العدال في عالم البشر، [أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ] ويقول عز وجل في آية آخرى [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ[ ومثل هذه الآيات كثيرة في القرآن الكريم.
وقال : إذا مسألة السلام العادل التي يطرحها القرآن الكريم، أي أن أول قاعدة في الإسلام، هي أن يتجه الإنسان نحو الكمال، الكمال الفردي، والكمال الاجتماعي، ولكن يتعين على الناس أن يصلحوا أنفسهم ويثقفوا أنفسهم، وعلى المجتمع أن يستخدم هذه القدرة التي نشأت في الحكم، وهي نقطة مهمة جداً ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار.
واستدرك اية الله رمضاني : هناك مجموعة من المستبدين، الطغاة، اللجوجين، المعاندين الذين يعارضونهم، وكان المشركون في عهد النبي معاندين ولجوجين، ويسعون لمنع النبي الاكرم (ص) من اداء رسالته، وقد نسب هؤلاء إلى النبي صفات كالكاهن والساحر والمجنون، هؤلاء هم الذين أعاقوا مسار التقدم والازدهار الفردي والاجتماعي، والثقافي، والسياسي داخل المجتمع، ولم يسمحوا للبشر بالتطور بشكل صحيح، وكانوا يعبدون الأوثان ويمارسون الفاحشة. وكانوا يطوفون حول الكعبة بشكل وصورة غيرمناسبة، وعلى أية حال فهذه هي الشذوذات الأخلاقية والسياسية والاجتماعية والفردية التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
واكد على، ان النبي (ص) تصدى لكل هؤلاء وحاربهم. ولذلك رأوا في النبي عائقا امام اهدافهم فبداوا بممارسة المزيد من الضغوط والتهديدات وما شابه ذلك عليه. حتى أنهم فرضوا مقاطعة اجتماعية على المسلمين الذين اضطروا ان لجأوا إلى شعب أبي طالب حيث واجهوا أصعب الظروف على مدى ثلاث سنوات.
وراى، ان هناك مجموعات من البشر مستبدة تريد استعباد الناس واستغلالهم، إلا أنهم كانوا يستعمرون في الجاهلية القديمة بأشكال مختلفة، وفي المقابل شرع الإسلام بالحرب لمواجهة هؤلاء الظالمين، والطامعين، والمزورين، ومواجهة من يريدون استعمار البشرية، وكل هذا من أجل أن يستفيد البشر من العدالة، لقد شن الإسلام حربا ضد أولئك الذين يقفون بوجه العدالة وحقوق الإنسان.
واكمل الامين العام للمجمع العالمي لاهل البيت (عليهم السلام)، قائلا، أن "الإسلام يسعى إلى السلام العادل، وهذا لا يتعارض مع مقاومة المستبدين، أولئك الجشعين ومن نهبوا ثروات المجتمع ويسعون لفرض العبودية على الانسان الذي خلقه الله حرا لا يعبد الا خالقه الباري تعالى، يجب أن نتصدى لهم وندعو البشرية إلى التدبير والتفكر وعبودية الله الواحد الاحد، [لَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّا"].