ناشطة جزائرية : الثورة الاسلامية متمسكة بالقضية الفلسطينية

ناشطة جزائرية : الثورة الاسلامية متمسكة بالقضية الفلسطينية

اكدت "السيدة نورا فرحات" وهي استاذة جامعية وناشطة وباحثة اجتماعية في الجزائر، على ان الثورة الاسلامية الايرانية، منذ ان انتصرت عام 1979م وحتى يومنا الحاضر، متمسكة بالقضية الفلسطينية.


جاء ذلك في مقال الاستاذة "فرحات" خلال ندوة طوفان الاقصى الـ 18 " التي عقدت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية عبر الفضاء الافتراضي الاربعاء 7 شباط / فبراير 2024م، لمناقشة "دور النساء في تعزيز المقاومة الاسلامية والفلسطينية"، و"مقارنة بين طوفان الاقصى في فلسطين والثورة الاسلامية في ايران".

واضافت هذه الناشطة الجزائرية : ان الثورة الاسلامية في ايران حركت مشاعر الشعوب المستضعفة في ارجاء الكرة الارضية وحركت معها الشارع الايراني لتعود به الى دعم قضية الامة الرئيسية.

وفي ما يلي نص مقال الاستاذة نورا فرحات :  

الثورة الإسلامية الإيرانية وطوفان الأقصى

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين

 منذ انتصرت الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 والى يومنا هذا، وهي متمسكة بالقضية الفلسطينية، هذه الأخيرة التي حركت مشاعر الشعوب المستضعفة في أرجاء الكرة الأرضية، وحركت معها مشاعر الشارع الإيراني لتعود به، وتعود بنا الى أكثر من أربعين سنة مرت على قيام الثورة الإسلامية في إيران، فجعلتنا منذ الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى نفكر ونتأمل في ما يحصل الآن ، وما حصل سابقا في الثورة الإيرانية، وهذا التفكير لم يكن للمقارنة بينهما فحسب، وإنما كان الهدف منه، هو محاولة إقناع الشعوب المستضعفة المسلوبة الحرية، أن طريق الحرية لابد وأن يتوج بمسار طويل من المقاومات المختلفة حتى النصر.   

ومن خلال المقارنة بين ما يجري الآن في طوفان الأقصى وما وقع قبل أكثر من 40 سنة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية من ثورتها المباركة في مواجهة الطاغوت "الشاهن شاهي"، ومن يؤيده من طواغيت الاستكبار العالمي كأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني وغيرها، نجد مجموعة العناصر التي تتفق كلا الثورتين فيهما؛ ونستطيع حصرها في سبعة مقارنات كبرى وهي:

 أولاـ المسؤولية: أو  ما يسمى في الشريعة بالمسؤولية الشرعية، ونعني به المنطلق في كلا الثورتين، هومنطلق إسلامي بحت، وليس منطلقا  لا شيوعيا  ولا ليبراليا ولا مطلب حرية ولا أي مطلب آخر، فالمنطلقات الفكرية، ومنطلق الحرية وغيرها من المنطلقات كلها تجري ضمن إطار واحد، هو المسؤولية.

والمسؤولية الشرعية منطلقاتها، هي الإيمان بالله ووجوب مواجهة المستكبرين والطواغيت والظلمة، انطلاقا مما ورد في القرآن الكريم، وما ورد في سيرة رسول الله صل الله عليه وآله، وما ورد عن الأنبياء عليهم السلام، ولهذا نجد قائد الثورة الإسلامية آية الله الإمام الخميني "رض" يستدل لتلك الثورة من خلال القرآن ومن خلال السنة المطهرة، والعترة الطاهرة، ومثل ذلك نجده يحصل الآن في طوفان الأقصى، فكل من تحدثوا عنه، سواء في فلسطين من طرف قادة حماس أو الجهاد الإسلامي، أو في اليمن، من قبل السيد عبد الملك الحوثي، أو في لبنان من قبل السيد حسن نصر الله، أو كتائب العراق من قبل كتائب حزب الله، وكذلك في إيران من قبل السيد الإمام علي الخامنئي.. وغيرهم، كل هؤلاء يركزون على هذا المعنى، وهو أن الحركة هي حركة جهادية إسلامية إيمانية، ليس لها أي توجه آخر، مثلما كانت عليه الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث كان من بين شعاراتها التي رفعتها آن ذاك، " لا شرقية ولا غربية، إسلامية إسلامية".

ولا ننسى أن فلسطين جربت أنواعا شتى من الحركات التي هتفت بغير ما هتف له الآن طوفان الأقصى، لكنها بعد ذلك  ذابت وطبعت، ثم فشلت  وهذا هو وجه الشبه مع ما كانت أيضا عليه الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فمنافقي خلق، وغيرهم الذين تبنوا الشيوعية  وتصوروا أنهم يعارضون الشاه، ولكنهم بعد ذلك صاروا أعداء للجمهورية الإسلامية، وارتكبوا الكثير من الجرائم، وصاروا بعد ذلك عبيدا للاستكبار العالمي. وهذا الركن الأول من أركان التشابه الكبير بين الثورة الإسلامية وبين طوفان الأقصى.

ثانياـ الدوافع: فالدافع في كلا الأمرين هو مواجهة الاستكبار، سواء الاستكبار محلي أو خارجي، يعني حتى ثورة الإمام الخميني لم تكن في الحقيقة مواجهة مع الشاه فقط، بل كانت مواجهة مع أمريكا أيضا و إسرائيل و بريطانيا، لأن هذه الدول هي التي كانت تقف الى جنب الشاه وتدعمه، وطبعا هذا الدعم وهذه الخدمات لم تكن تقدم بالمجان، فقد كانت لها أثمانها الباهظة.

وهكذا يتكرر نفس الموقف بالنسبة الى فلسطين، فالثورة في طوفان الأقصى لم تكن ضد إسرائيل فحسب بل ضدها وضد من يدعمها، ومع نفس الدول التي واجهتها الثورة في إيران، وإسرائيل، وبريطانيا، وأمريكا، وفرنسا، بل الغرب كله، أو ما يسميه الإمام الخميني اختصارا بعالم الاستكبار، فكلهم توحدوا وأحضروا ما يسمى بحاملات طائراتهم، وكلهم أحضروا ترسانتهم المسلحة وكرروا ما حصل في إيران تماما أيام الثورة الإسلامية. لهذا يمكن القول أن العدو واحد في كليهما، فبريطانيا شيطان، وأمريكا الشيطان الأكبر، وكل من تبعهما في هذا السبيل مثلهم.

ثالثاـ الأهداف: أما بالنسبة للهدف فهوتحقيق الحرية الحقيقية، ليست الحرية بمفهومها السلبي، وإنما الحرية والاستقلال والسيادة، التي تجعل فلسطين جزءا من الأمة الإسلامية.. وهذا  ما كان الإمام الخميني يطالب به في ثورته، فقد كان يطالب بأن تعود لإيران، خيراتها، ويعود لها، بترولها، وتعود لها معادنها، وتعود لها كل ثرواتها التي استولت عليها أمريكا، وكانت تأخذها هي والغرب بالمجان.

ونفس الشيء يحدث الآن بالنسبة لفلسطين، حيث نجد أهلها مشتتون ومشردون، وهم موزعون على العالم كله، بينما يسكن أراضيهم أولئك العصابات الذين جاءوا من محال مختلفة من العالم.

 وبالتالي فالهدف كذلك واحد، وهو عودة الأرض، وعودة الثروات إلى أهلها، وعودة المواطنين إلى أرضهم، وهذا ما نجده في عهد الشاه في إيران، حيث كان الأجانب هم من يتنعم بالثروات الإيرانية، بينما الشعب الإيراني لا يجد منها شيء، فهكذا نفس الشيء بالنسبة لفلسطين.

رابعاـ  القيادة: إنّ قضية القائد واختياره وتحديد المواصفات والمؤهلات التي ينبغي أن يتميز بها القائد، من الأمور الضرورية في حياة الأمم والشعوب لما لهذه القضية من تأثيرها المباشر في وحدة الأمة، ووعيها وثباتها في وجه التحديات والنكبات، فالقيادة الرشيدة  من أهم أسباب نجاح أي ثورة من الثورات، وتحقيق أهدافها، وما حدث مع قوم طالوت، لبرهان صادق ودليل واضح، لمن غابت عنه الحقائق، حيث ذكر الله تعالى في محكم تنزيله : ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾  [  البقرة:246]، فكذلك لو لم تكن للثورة الإيرانية قيادة رشيدة لما نجحت  وانتصرت.

فالقيادة طبعا شيء مهم جدا، لأنه لا يمكن لأي حركة أن تنتصر من دون قيادة رشيدة، ولو لم تتوفر هذه الشروط في القائد آية الله الإمام الخميني، لما كان للثورة صداها وما حققت ما حققته الآن من انتصارات.

وكذلك طوفان الأقصى فقد مثلته قيادات من كل الحركات والفصائل الفلسطينية المقاومة، وما نعلمه اليوم أن حماس قد طهرت نفسها من كل العناصر المشبوهة التي حاولت أن تظللها عن مسارها في تحرير فلسطين، ولذلك الآن نجد مثلا يحي السنوار، أو محمد الضيف.. غيرهم من قادة الطوفان، كل هؤلاء يمثلون المقاومة الفلسطينية الحقيقية والتي هي نفس المقاومة الموجودة في حزب الله في لبنان، أوفي اليمن وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن كل الذين شاركوا في مد طوفان الأقصى و إضفاء  شرعية عالمية عليه، بحيث لم يبق محصورا في دائرة محدودة هم ابتداء من حزب الله في خطابات السيد حسن نصر الله، وفي خطابات السيد عبد الملك و بدر الدين الحوثي، وفي مواقف اليمن ومواقف العراق، وفي توجيه ضرباته الى أمريكا وغيره.

 طبعا هذه المواقف كلها تدل على الصف ووحدة القيادة، أوما يسمى بوحدة الساحات، فساحات المقاومة  توحدت جميعا على عدو واحد.

خامساـ المواقف: أما المواقف، فنجد أن كل معسكر المقاومة في طوفان الأقصى بما فيه من حركة حماس أو باقي الفصائل، فجميعها لازالت ثابتة على نفس المواقف من الاستكبار العالمي، مع مرور كل هذه الفترة من فترات انتصار الثورة إلى الآن لم تتغير المواقف، فأمريكا ما زالت تمثل الشيطان الأكبر كما مثلته سابقا أيام الثورة الإيرانية، ولازالت تقوم بكل أدوارها الشيطانية، وبرفقتها بريطانيا، ومعهما الكيان الصهيوني، ومعهم كل العالم الذي يؤيدهم، ومعهم كذلك العرب الذين يؤيدونهم، والذين تحولوا إلى أذناب لهم، وبالتالي وحدة الموقف هو الذي ينجر عنه وحدة السلوك تجاه ذلك الموقف.

سادساـ  الرسالة: ونعني بذلك أن الرسالة التي يحملها هذا الطوفان كان يحملها الإمام آية الله الخميني في ثورته، وقد كان ذلك يبدو جليا واضحا في طريقة خطابه، وطريقة كلامه، واستشهاده بآيات القرآن الكريم، ودعوته لإعادة الأمة إلى مسارها الصحيح.

 كل هذه الأمور نجدها جميعا، قد توافرت في قادة طوفان الأقصى، وكذلك نفسها تواجدت في قادة  الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأن الحركة لم تكن فقط حركة عسكرية، بل كانت معها أيضا حركة ثقافية، ومعها حركات أخرى لإعادة تشكيل وعي جديد للأمة يساهم أو يرد على ذلك التضليل الإعلامي الذي مورس عليها، وخاصة إبان الحرب الناعمة، ولذلك فطوفان الأقصى يغسل كل أدران الحرب الناعمة.

ومثل هذا كان الإمام الخميني إبان انتصار الثورة الإسلامية، يركز على النواحي الثقافية والنواحي الرسالية في خطاباته، حتى يرد على كل تلك التشويهات التي أصابت العقل ومنعته من القيام بواجبه.

سابعاـ الوسائل: طبعا في عهد الإمام الخميني كان التركيز على الرسالة الصوتية، أي بمعنى رسالة الكلمة، فالإمام الخميني لم يسمح للمواجهة العسكرية مع الجيش باعتبار الجيش يمثل الشعب الإيراني ويمثل  الأفراد الإيرانيين، وأن المواجهة معه يستفيد منها الأعداء، لأنها ستجر الى حرب داخلية بخلاف المواجهة في فلسطين، فهي مواجهة مع أعداء الأمة، من صهاينة، وأمريكان وغيرهم، وبالتالي هنا المواجهة العسكرية ضرورية، بالإضافة إلى وسيلة الكلمة.

 ربما هذه نقطة المفارقة الوحيدة باعتبار الظروف، لأن الجيش الإيراني بعد ذلك صار سندا للثورة الإسلامية بخلاف الجيش الصهيوني والذي الكثير منه جيش مرتزق وجيش مبني على أساس العصابات، ولذلك لا يجدي التعامل معه إلا بالقوة، والإمام الخميني نفسه  من دعا إلى تشكيل تلك القوة وتلك الحركات المقاومة، فحزب الله والفصائل المقاومة، كان للإمام الخميني دور كبير في خطاباته وفي كلماته، في الدعوة لإنتاجها وتأسيسها، بحيث تصبح بعد ذلك تؤدي دورها في المقاومة والتحرر.

وفي الأخير لا نقول إلا ماقاله ربنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد 7-9]، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.