ناشطة سورية : حرية الفتاة المسلمة في فهم دينها والثبات على عقيدتها

ناشطة سورية : حرية الفتاة المسلمة في فهم دينها والثبات على عقيدتها

قالت الاستاذة الجامعية السورية والناشطة في المجتمعات التونسية السيدة "هبة الكركي"، ان "الفتاة المسلمة المعاصرة تنأى بنفسها وتستعلي بإيمانها عن منحدرات الحضارة الغربية وتدرك أن سبيلها لتنال الحرية الحقيقية بفهم دينها، وثبات عقيدتها في قولها وفعلها وسعيها الدائم لطلب العلم والثقافة النافعة".


جاء ذلك في مقال الناشطة السوري خلال ندوة بعنوان "فاطمة المعصومة (س) قدوة الفتاة المسلمة" التي نظمت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية (الثلاثاء) احتفاء بالذكرى الميونية لهذه السيدة العظيمة (غرة ذي القعدة 1445هـ الموافق 10 ايار /مايو 2024م).

وفيما يلي نص هذا المقال : 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. اتقدم  بأحر  التهاني  والتبريك  إلى  مولانا  الحجة  بن  الحسن المهدي  (عجل  الله  فرجه  الشريف)، وإلى  ولي  امرنا  الإمام  الخامنئي (دام  ظله)  وإلى  الأمة  الاسلامية  جمعاء  بذكرى  ولادة  حفيدة رسول الله (ص)  السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام .
تحت عنوان "الفتاة المسلمة في مواجهة تحديات عصر الفتن، السيدة المعصومة  نموذجا" افتتح كلمتي اليوم راجية من الله العلي القدير أن تضيف هذه الكلمة نقطة ناصعة في صفحة سعينا لإعمار الأرض وجدارة  الاستخلاف للحق تعالى كما شاء  وأراد لنا جل  من  مريد .
عندما يكون كلامنا عن "الفتاة" فنحن نقصد بذلك سنا  معينا  للأنثى وهو العمر الممتد من الطفولة إلى الزواج وقد يقصد به البعض سن الشباب فقط.. ولا خلاف في ذلك، ما يهمنا هو الخطاب الذي يعني الانثى منذ نعومة اظفارها .
وعصر الفتن هو عصر التبس فيه الحق والباطل ، والخير والشر ،والصدق والكذب ،  والصلاح والطلاح ، وتشابهت الطرق وصعبُ على الكثيرين تمييز البوصلة ، وغرهم  طريق سلكه الكثرة ،وأما طريق القلة فاستوحشه البعض واستنكره آخرون ..
وهذه هي سمات عصرنا، ولكن كما قال الله تعالى :
[يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ] – التوبة اية 32.
فما هي التحديات التي تواجهها الفتاة المسلمة المعاصرة لزمان امتازت سماته بالفتن؟
منذ أن تنبه المستكبرون لأهمية وفاعلية دور الانثى في صناعة الإنسان، بدأوا بمحاولات تشتيت اهدافها، وحرفها عن مسارها القويم، ويمكن تقصي طبيعة هذه التحديات من خلال تخليصها في نقطتين :

1-  الغزو الفكري/ 
وهو الجهد المبذول من قبل الأعداء لكسب معركة الهوية وقيادة الأمة الإسلامية وفق ما يريدون.
 وأخطره ما قبل المرحلة العسكرية وما بعدها، حيث تمسخ  الشعوب وتتذبذب عقائدها وتعد نخبة لقيادة الأمة تربوا على أعينهم، ينفذون سياساتهم الاحتلالية، التي من شأنها طمس هوية المجتمع المسلم وتدمير عقيدته وقيمه. وإحلال المبادئ المنحرفة والقوانين الوضعية والإباحية والاختلاط محلها. والاستيلاء على ثروات البلاد أو فرض حصار اقتصادي عليها لاصطناع معارك وهمية بين نسيج المجتمع الواحد، والتي من شأنها استنزاف طاقاته والحيلولة دون امتلاكه القوة، وذلك عبر وسائل الإعلام طعنا  وتشويها وسخرية واستهزاء.
 وعبر مناهج التعليم تحريفا وتغييرا وطمسا للحقائق، وتشويها للتأريخ الإسلامي وإبرازا للفتن، وإثارة للنعرات الجاهلية، وإحياء للشعبوية والعامية، وإحداثا للتبعية الى الغرب وإكباره والترهيب من سطوته وإبراز الحضارة الغربية بأنها النموذج الذي يجب الاقتداء به. واصمين الدين بالتخلف والرجعية والجمود، ودعاته بالتخلف والتحجر والإرهاب.

 2- العولمة ووهم تحرير المرأة /
حيث عمل الغرب على استغلال الخلل في تطبيق تعاليم الدين الاسلامي من قبل بعض المسلمين وتسلطهم على المرأة ليبثوا سم أفكارهم بادعاءات كاذبة على أنهم يريدون تحرير المرأة من سلطة الرجل واستعانوا في الفترة الراهنة بوسائل التواصل الاجتماعي المتطورة لتكون وسائلا لمزيد من انتهاك خصوصية المجتمعات وآدابها ودينها، وتكون الفتاة المسلمة في طليعة اهدافهم ليقدموا لها نموذجا  مغريا  عن الانثى المتفلتة من كل القيود، كما يصوروا لها وبذلك يضمنوا انحرافها منذ نعومة اظفارها وبالتالي إنتاج جيل منحرف انجبته امهات  متفلتات منحرفات.
والسؤال الآن كيف تواجه الفتاة المسلمة المعاصرة التحديات الجديدة، وهل توجد نماذج من  تاريخنا الاسلامي لتتأسى بها فتيات اليوم؟
إن المرأة المسلمة المعاصرة لتدرك بثاقب نظرها المستقيم دموع التماسيح، والعويل الكاذب على حقوق المرأة في الإسلام، لما ترى من بر الإسلام بها، واحترام المجتمع الإسلامي لكرامتها.
لذلك أيقنت أن دعوات التحرير هي دعوات إلى كشف المستور، وهتك الفضيلة، ونداء صارخ  للإباحية، ومحاربة لشعائر الدين وقوانين العدل، والعادات الحميدة التي أمر به الإسلام .
فلم يفتها معرفة من وراء الأكمة من العملاء المأجورين للاستخبارات الغربية، الذين مردوا على النفاق والتحلل من الفضائل، الذين يحيكون المؤامرات بالأمة .
 ومما زادها يقينا بسوء دعوتهم ما تراه من سخف اللواتي سرن في ركابهم. وكيف جعلوهن أداة يصيدون بها أهل الشهوات وأداة يقتلون بها الحشمة والعفاف.
كل ذلك وغيره جعل الفتاة  المسلمة المعاصرة تنأى بنفسها وتستعلي بإيمانها عن منحدراتهم .وتدرك أن سبيلها لتنال الحرية الحقيقية بفهم دينها، وثبات عقيدتها في قولها وفعلها وسعيها  الدائم لطلب العلم والثقافة النافعة.
نستأنس هنا بقصة السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، عندما دخل جمع من الرجال جاؤوا ليستفتوا علماء عصرهم وهما ابوها الإمام الكاظم اواخوها الإمام الرضا صلوات الله عليهم، فلم يجدوهما في المدينة فاستاؤوا كثيرا بانهم سيرجعون دون أخذ الإجابات عن اسئلتهم، فلما سمعت بحالهم وهي فتاة لم تبلغ بعد، أخذت اسئلتهم واجابت عليها جميعها، فأخذوا إجابتها وخرجوا من المدينة عائدين إلى ديارهم فالتقوا بأبيها الإمام الكاظم (ع) واخبروه بما حصل معهم، فأخذ الإجابات واقرها كلها، ثم قال "فداها ابوها" ثلاثا.
هذا نموذج تفتخر به الأمة وهكذا تكون الفتاة المسلمة مواكبة للعلم، مجالسة لأهله متعففة عن السفاسف  والصغائر.
 وهنا استشهد بقول الإمام الخامنئي (دام ظله)، ان "الغرب لا يملك أي منطق لسلوكه إزاء المرأة والشؤون المرتبطة بها"، لذلك اقولها بكلمة واحدة إن ملخص السياسة والتوجه للحضارة الغربية في قضية المرأة المهمة والمصيرية، تتلخص بأمرين هما الاستغلال والتلذذ.
نسأل الله الصلاح والهداية والثبات على الحق لفتياتنا المسلمات في كل بقاع الأرض.
والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.