باحثة اكاديمية من المغرب : المرأة تسجل ملحمة النصر بمساندتها المقاومة
رأت "الدكتورة نظيرة غلاب"، الاستاذة والباحثة الاكاديمية المغربية، عضو هيئة التدريس بجامعة المصطفى (ص) العالمية، ان المراة تسجل اليوم في غزة و في الضفة و في لبنان، ملحمة النصر بمساندتها المقاومة جنبا الى جنب المقاومين، وبصبرها وتحملها و وقوفها شامخة في وجه حرب الابادة التي يشنها العدوالصهيوني مدعوما بامريكا و الغرب، وقد فهم العدو الصهيوني خطور تواجد عنصر المرأة في حركة المقامة الفلسطينية، لذلك لم يمتنع عن استهدافها باعتقالها و اغتيالها وبكل الطرق.
جاء ذلك في مقال "الدكتورة غلاب" خلال ندوة طوفان الاقصى الـ 18 التي عقدت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية عبر الفضاء الافتراضي (الاربعاء 7 شباط / فبراير 2024م)، حول "دور النساء في تعزيز المقاومة الاسلامية والفلسطينية"، و"مقارنة بين طوفان الاقصى في فلسطين والثورة الاسلامية في ايران".
وفيما يلي نص مقال الباحثة المغربية :
بسمه تعال /
دور المراة في المقاومة
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم : [ اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان الله على نصرهم لقدير ]
تشكل المرأة نصف المجتمع وركيزته الأساسية، وأصبح بديهي دورها في تكامل و تقدم المجتمع؛ فهي سهيمة في احداث اي تغير فيه، خصوصا و ان الاسلام قد رفع مكانة المرأة وكرامتها ووسع نطاق مشاركتها في بناء امن و حضارة المجتمع في الحرب و السلم.
وحيث ان بلورة مشروع الخلافة الالهية في الارض مرهون بنشر العدل الالهي في جميع شؤونات الحياة و لازم هذا الامر مقارعة الظلم وهذا هو مشروع المقاومة التي هي ساحة الرجل كما هي ساحة المرأة يتحرك فيها كل بحسب الدور المنوط به و الذي يحدده الشرع و القانون و الاخلاق و كذا الظروف الذاتية و الموضوعية، و حيث المقاومة الحالية هي جهاد دفاعي فالكل منخرط فيه نساء و رجالا و شيوخا و صغارا.
ومع توسع جبهة الاستكبار و اشتداد الغزو الثقافي على كل الاخلاق والانسانية والحرية بواسطة الشبكة العنكبوتية والهجمات الاعلامية التي تسعى الى تغيير معالم المجتمع الانساني السوي، نستطيع الجزم و القطع بان تواجد المرأة الفاعل و الاستراتيجي و المرتكز على البصيرة في المقاومة وضمن الساحات الخاصة، له اثر بليغ في صد كل تلك الهجمات وفي تطور هذه المقاومة وتكاملها كما انها عنصر فعال في احداث التغيير الاجتماعي و دورها لا بديل له.
بطبيعة الحال عندما نتحدث عن المقاومة لا نحصرها في المقاومة المسلحة فحسب، بل هي مفهوم أوسع و ارحب، تعددت ميادينها لتشمل مقاومة الفساد السياسي و الفساد الاجتماعي و الفساد الفكري و الثقافي و غيرها مع عدم اسقاط حق المقاومة الدفاع المسلح عن المراة بدليل انه امر تكويني و فطري و كذا وجوب الدفاع مقابل الضرر المحتمل ، وبالتالي لايمكن حصر دور المرأة في مجال دون مجال اخر و لكن لضيق الفرصة المسموحة لنا، يمكن التركيز على الدور الاهم و الذي يسري في كل الابعاد الاخرى كالتالي :
– البعد التربوي :
الامام الخميني لخص هذا البعد حين قال (رض)، "كما ان القران يصنع الانسان، المرأة كذلك تصنع الانسان، ففي حضنها يصنع الرجال"، من هنا نلخص دور المرأة المقاومة في هذا البعد بالقول ان صنع جيل المقاومين الذين يتحملون شرف الدفاع عن الدين والوطن والتصدي للظلم يحتاج إلى أم تنير عقولهم في مختلف مراحل حياتهم، فتقوي فهمهم، للسير نحو الحق، فالام هي اعظم مدرسة يتربى فيها الانسان على المقاومة والجهاد و يتعلم فيها التحلي بالحق و الصبر .
الغزو الثقافي في هذا العصر يعمل على تفكيك الاسرة و تفريغ المرأة من الدور التربوي الذي الذي تحتضن فيه الطفل و المراهق و تربيهما على القيم، الاستكبار يحاول بشتى الطرق اضعاف جبهة المقاومة من خلال التقليل من دور الام الحاضنة و المربية فلذلك لابد من الانتباه الى هذا الامر فهو ميدان حرب مفتوحة و لابد ان تتصدى المرأة المقاومة لهذه الجبهة و لا تترك الطفل و الشاب تتلاطمه امواج التغريب، فالمرأة قد وهبها الله امكانات فطرية و جعل لها القدرة على احتضان الطفل و تربيته و ذلك باعتبار ا أن كل كائن، بما في ذلك الإنسان، ينقاد إلى ما هو مصدر كماله بتوجيهاته التكوينية و الفطرية ولذلك فهو مجهز بالوسائل اللازمة للوصول إلى مقصده.
و بالتالي لابد ان تبادر المراة وتتصدى لهذا الدور عن بصيرة و ايمان و كما قال الامام الخميني،" إن الأمة التي دخلت نساؤها ساحات القتال مع القوى العظمى، وواجهت قوى الشر قبل الرجال، سوف تنتصر".
و التربية على المقاومة كما تبدأ من الطفولة تستمر مع الشباب ، فالام المقاومة تدفع بابنائها الى ساحة الجهاد و تقوي فيهم معنوية النصر، و تدفع بالزوج و تشجعه على مقارعة الظلم و التصدي له بكل بسالة ، الحضور الفعال في الاسرة للمرأة يكون تارة في دور الام و تارة اخرى في دور الزوجة و قد نبه السيد الخامنئي الى ضرورة حضور المرأة التي تبني ايران الجديدة في الاسرة و تقوم بتربية الجيل الذي يحافظ على الثورة و يستمر في تحقيق اهدافها، حين قال، ان "المراة تتجلى في ثلاثة مجالات : الأول مجال تهذيب النفس، والثاني مجال المحافظة على أسرة متوازنة وسليمة، وثالثاً مجال المسؤولية الاجتماعية والجهاد الاجتماعي."
- البعد الثقافي :
او ما يصطلح عليه بجهاد التبيين : و لنا في مولاتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) المثل الاعلى، فقد تصدت للظلم و الظالمين و ازاحت في خطبها الابهام و الشكوك عن ساحة الحق و اصحابه كما لنا في السيدة زينب (سلام الله عليها) القدوة الحسنة التي رفعت قضية كربلاء و قامت بين الناس تبين لهم مشروع كربلاء و قضيتها و توعي الناس بالمؤامرة التي تحاك بالدين.
لذلك قد لا تكلف المراة بحمل السلاح لكن سلاحها ان تبين للامة و للانسانية طريق الحق و تدفع الشبهات و تنشر الحقائق و ان تفضح خطط و مؤامرات العدو .
و قد انتبهت المقاومة في فلسطين لدور المرأة في البعدين التربوي و الثقافي و بادرت في وقت مبكر لادماج المراة ضمن حركة المقاومة، فقد فتح الشيخ احمد ياسين في سنة 1987 المجال للمرأة ان تنضم للمقاومة فشغلت مناصبها الطبيعية في التدريس و التربية و العمل السياسي و الاجتماعي، وتواجدت ضمن هذه المحطات و لها دور كبير في التعبئة العامة، و في جبهات اخرى؛ ان تحرير الارض و استرجاع الوطن و المقدسات عقيدة راسخة تعبر عنها المرأة المقاومة في فلسطن بكل اشكال التعبير و في كل المناسبات.
وقد فهم العدو الصهيوني خطور تواجد عنصر المرأة في حركة المقامة الفلسطينية، لذلك لم يمتنع عن استهداف المرأة باعتقالها و اغتيالها و استهدافها بكل الطرق. و اليوم تسجل المرأة في غزة و في الضفة و في لبنان ملحمة النصر بمساندتها المقاومة جنبا الى جنب المقاومين و بصبرها و تحملها و وقوفها شامخة في وجهة حرب الابادة التي يشنها العدوالصهيوني مدعوما بامريكا و الغرب.
و ما النصر الا من عند الله ان الله عزيز حكيم