استاذ البحث الخارج في الحوزة العلمية في قم المقدسة:

إذا وصل الإنسان إلى البصيرة والوعي سيدرك أن مؤامرة الأعداء لا يمكن أن تمزق المسلمين

إذا وصل الإنسان إلى البصيرة والوعي سيدرك أن مؤامرة الأعداء لا يمكن أن تمزق المسلمين

أكد استاذ البحث الخارج في الحوزة العلمية في قم المقدسة"آیة الله السید طه موسوي هشترودي" أنه إذا وصل الإنسان بنفسه إلى الفهم والبصيرة والوعي، سيدرك أن مؤامرة الأعداء لا يمكن أن تمزق الأخوة والأخوة بين المسلمين .


وفي مقاله خلال المؤتمر الافتراضي الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية، وجّه "آیة الله السید طه موسوي هشترودي" شكره وتقديره للمجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیه على توجيه دعوة له بالمشارکه في هذا الموتمر الذي يقام تحت شعار "التعاون الاسلامی من اجل بلوره القیم المشترکه والحدیث حول محور الحریه الفکریه الدینیه وقبول الاجتهاد المذهبی ومواجهه تیار التکفیر و التطرف".

و في ما يلي نص المقال:

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدالله رب العالمین واصلاه و السلام علی رسول الله و علی آله آل الله و لعنه الله علی اعدائهم اجمعین من الآن الی قیام یوم الله
وأما بعد، نتقدم بالتهنئة في هذه الأيام المباركة بمناسبة مولد نبي الإسلام الأكرم وبداية أسبوع الوحدة بين الأمة الإسلامية بأكملها، وأود أن أهنئ جميع مسلمي العالم بأسبوع الوحدة هذا. وينبغي للمسلمين أن يتزايدوا أكثر فأكثر، فإن إحدى قضايا الإسلام المعينة هي مسألة الجهاد.

الجهاد مسألة فقهية وفرع من فروع الدين الإسلامي الأساسية، وهو من فرائض دين الإسلام، وتهتم به كافة المذاهب الإسلامية، وفي مناقشة الجهاد الدفاعي والجهاد الأبتدائي، حيث ظهرت مسألة الجهاد الدفاعي والتي هي من المسائل التي في الفقه الإسلامي يجب على كل مسلم أن يشارك في هذا النوع من الجهاد إذا لزم الأمر، والجهاد الدفاعي هو جهاد على كل من يعتدي على الأرض والعرض والدين الإسلامي والدولة الاسلامية. وهذا الدفاع هو واجب على كل مسلم، وهذا الدفاع يسمى الجهاد، والجهاد يتبلور في الحرب، أي أنه يتطلب المجادلة والحرب المادية
وعليه، سواء كانت هذه الحرب حربا أو جهادا عينيا أو جهادا كفائيا، فإنه إذا ترك أحد المسلمين هذا الجهاد فإنه يترتب عليه إثم، وللأسف شهدنا في السنوات الأخيرة العديد من الجهادات والحروب بين الأمة الإسلامية نتيجة الخلافات والتفرقة التي زرعها الاستكبار العالمي والمستغلين الدوليين، ومن ورائهم الصهونية العالمية، بين المسلمين لتذكية نار الفتنة والحروب التي أطلق عليها ألقاب فقهية وألقاب دينية بين المسلمين، لكن الحقيقة أن الحرب أمرا مزمن. 

و أما السلام يجب أن يكون عادلا، كما أن الحرب يجب أن تكون عادلة، والجهاد يجب أن يكون عادلا، فلا يليق أن تقوم خمس وثلاثون دولة في العالم بإعداد أسلحتها الخاصة، من القوات العسكرية المهمة إلى الأسلحة العسكرية والحربية الحديثة، وتوجيهها تجاه دولة ما، قامت للتو بثورة حديثة ولا يزال جيشها غير متماسك، فيسارعون الى مهاجمتها بكل أنواع الحرب والأسلحة العنقودية والصواريخ الطويلة والقصيرة المدى والأسلحة الكيميائية ويقومون بارتكاب المجازر وقتل الناس في منازلهم وفي المدن، هذه الحرب ليست حربا عادلة.
 
وتوقع وقوع مثل هذه الحرب، على سبيل المثال بين أمتين مسلمتين، نتيجة الدور الخبيث الذي يلعبه الاستكبار العالمي والصهيونية العالمية لتأجيج هذه الحرب، وهنا نرى أنه خلقت حربا ظالمة، وهذا الأمر تسبب بأن يقع المسلمون في حرب لمدة ثماني سنوات، وهجمة جبانة من حزب البعث العراقي وعلى رأسه صدام حسين على ايران ، ونتيجة قتل الكثير من المسلمين في العراق واستشهد الكثير ايضا من المسلمين في إيران، وكانت هذه الحرب الأكثر ظلماً التي حدثت في التاريخ الحديث.

وعلى أية حال، فإن هذه الحرب إن كانت دفاعا، فهي في المقام الأول حرب في سياق الجهاد، وهي أمر ممدوح وهي واجب شرعي، لكن للنظر في هذه المسألة في الجهاد، ينبغي تحديد العدو الحقيقي على أساس ما يمارسه من ظلم وعدوان على المجتمع الإسلامي، أي يجب أن يتم تحديده يجب إثبات حقانية الإنسان، بالاضافة الى إظهار ظلم العدو أمام ذلك الشخص، حتى ولو كان العدو مجهز ومسلح من أخمص قدميه الى قمة رأسه، فعلى المسلمين أيضا أن يجهزوا ويسلحوا أنفسهم و «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة» وعليهم أن يقاتلوا ذلك العدو ويجاهدوا في سبيل الله.

فإن قُتل أحدهم أو استشهد بهذه الطريقة فهو ضيف الله وهو حي ولم يمت، وبحسب الآيات القرآنية فإن ما يحتاجه المجتمع الإسلامي هو هذه البصيرة والوعي. ولذلك فينبغي لجميع الناس وعلى وجه الخصوص، قادة المجتمعات، سواء علماء ذلك المجتمع الإسلامي أو القادة السياسيين لذلك المجتمع، أن يدركوا أن ما إذا كان هذا الشخص الذي تم تقديمه كعدو لنا هو أحد إخواننا المسلمين، هل هو حقا عدونا أم أنه تم غرس هذه الفكرة في أذهاننا بواسطة الاستكبار العالمي  والصهيونية العالمية، بعد أن قدمته كعدو لنا وخلقت تصورا بأنه عدو وخطير علينا.

فإذا وصل الإنسان بنفسه إلى هذا الفهم والبصيرة والوعي، سيدرك أن مؤامرة الأعداء لا يمكن أن تمزق الأخوة والأخوة بين المسلمين وتؤلبهم ضد بعضهم البعض، وأكبر الكوراث التي حدثت في السنوات الماضية، خاصة في القرن الماضي، كانت من المؤسف نتيجة استخدام هذا التكتيك من قبل أعداء الاسلام الذين تسببوا في العديد من الحروب في الدول الإسلامية، وخاصة في منطقة غرب آسيا، ولو تنبه الجميع الى ذلك لما حصل ما حصل.

ومن الأمور الأساسية الأخرى لنمو وتطور المجتمع الإسلامي وجميع المذاهب الإسلامية هي العودة إلى تعاليم الدين، وفي الواقع فإن اتباع سنة نبي الإسلام الكريم وتوصيات القرآن الكريم هي النموذج الأخلاقي للنبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. الإسلام حض وأكد على قضية الأخوة بين المسلمين منذ اليوم الأول الذي بدأ فيه رسول الإسلام الكريم بأخذ البيعة من المسلمين، قضية الأخوة والوحدة، مع الاستماع إلى الخلافات بين المسلمين، وأشار إلى التعايش بين جميع المسلمين وأظهر ذلك في تصرفاته.

ولا يمكن أن نحقق هذا التطور والاستقرار ما دام الاستكبار العالمي يخلق الكراهية والمنافسة غير المشروعة بين المسلمين، أي أنه لا يمكن إيجاد الأخوة الإسلامية باغتيال النخب والناشطين العلميين أو الثقافيين أو الدينيين عندما نرى النجاح في دولة مسلمة مجاورة، بسبب الدعاية العمياء والخطرة للإستكبار العالمي والصهيونية، خشية أن يكتسب هذا البلد المسلم قوة وقدرة عسكرية، على سبيل المثال، جمهورية باكستان أو جمهورية إيران الإسلامية أو المملكة العربية السعودية أو غيرها من الدول الإسلامية مثل العراق، اذا امتلكوا قوة عسكرية كبيرة، فترى الخوف والرعب في عيون دول الاستكبار والصهيونية، فيسارعوا الى تقديمهم كمنافسين خطيرين لأعدائهم، وخطرا على مسلمي دول المنطقة، وهذا خطير جدا.
 
ولذلك لا بد أن نقول إن المطلوب هو الوعي بمؤامرات العدو في المنطقة، فإذا حدث ذلك سيؤدي إلى سلوك ديني وسنعتبر المسلمين حقا إخواننا، شيعة وسنة وسائر المذاهب الإسلامية، ومن جيمع الطوائف، وسيتم إحباط مؤامرات العدو
وإذا حدث هذا الوعي، فبالتأكيد نحن في منطقة غرب آسيا، التي يسمونها الشرق الأوسط، بحيث يمكن لدول غرب آسيا أن تصل الى نجاج وتطور كبير في المستقبل القريب، ببركة التحالف الذي حدث بين المسلمين، خاصة في الأشهر الأخيرة، ونحن نلاحظ هذا سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو السياسي في المنطقة، وليس فقط في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وليس فقط المملكة العربية السعودية، بل ايضا في بقية الدول الإسلامية الأخرى التي باركت واستفادت من ذلك.

وسيأتي هذا اليوم مع العلم أن تطور المجتمع الإسلامي في منطقة غرب آسيا سيكون كبيرا لدرجة أننا سنسبق ونتقدم على أوروبا والغرب بأكثر من مئة عام، وهم سيحسدوننا وسيرجعون هم فيما بعد إلى منطقة غرب آسيا، حتى أنه اليوم يمكننا أن نرى، أنه لتلبية احتياجاتهم العلمية، واحتياجاتهم الطبية، واحتياجاتهم من الأسلحة العسكرية، يلجأون إلينا، فهم بحاجة إلى المسلمين

هذه هي النصيحة والبشارة التي قدمها رب العالمين للمسلمين ليصلوا الى مثل هذه القوة والنجاح بشرط اتباع سنة النبي الكريم وآيات رب العالمين، وجعل الأخلاق هي المحور، وأن يكفوا ويبتعدوا عن دول الاستكبار العالمي، الذين يلجأون الى والحيل والخداع، فالاستكبار العالمي من خلال إغراء دول المنطقة يسعون الى أن تبقى متخلفة دون أن تحرز أي تقدم.

المؤامرة الأخرى التي خلقها الأعداء في الماضي هي الفكر التكفيري والكفر والإيمان بالكذب، فقد تمكنوا من فعل شيء ما بين الشعوب الإسلامية والمذاهب الإسلامية المختلفة حتى يكفر الناس بعضهم البعض بغض النظر عن التعاليم الدينية.

وذلك من خلال عدم المعرفة الصحيحة بالشيعة من مختلف مذاهب أهل السنة أو الترويج للاختلافات بين الشيعة وأهل السنة بواسطة الأكاذيب التي أطلقوها على بعضهم البعض فيما يتعلق بالمسائل الفقهية، وخاصة القضايا الدينية للشيعة واهل السنة. ما تسبب في تكفير بعض هؤلاء المسلمين لبعضهم البعض، وبدون الرجوع إلى العلماء، وذلك بالرغم من أن هذا الخلاف لم نره يحدث قط بين علماء الشيعة والسنة، فليس لدينا عالم سني واحد أفتى بتكفير الشيعة إلا من قبل من يدعون أنهم علماء وهم في الواقع تلامذة للبلدان الغربية.

وعند الشيعة كذلك ليس عندنا أي فقه يأمر بتكفير أو ينسب الشرك لا قدر الله الى سائر المذاهب الإسلامية منذ صدر الإسلام إلى الآن.
وعلى كل حال، فقد نشر هذا القكر التكفيري بين العوام من قبل العدو وأدى إلى التكفير، وأصبح هذا التكفير حافزا للقتال والتنافس وتدمير نفس أخلاق والأخوة بين المسلمين التي أكد عليها نبي الإسلام الكريم.

وهذا الموضوع أيضا بجهود علماء الإسلام الكرام، وإيصال حقيقة الدين والتعاليم
الدينية الصحيحة، وكشف استغلال العدو لجهل الناس، فمن خلال كشف هذه الحقائق على الناس يمكنهم إن شاء الله أن يوقفوا التكفير ويمنعوا الحروب والجهالة، وذلك فقط إذا تحقق الاحترام المتبادل للمذاهب واختفيت العداوات، وعندها تتجه أنظار المجتمعات الإسلامية وأمة الإسلام إليه. فعدو الدين الحقيقي، هو كيان الاحتلال السيئ السمعة الذي احتل فلسطين و لا ينبغي أن تعتبر هذه القضية قضية ثانوية بين المسلمين، فإن قضية الإسلام الأهم اليوم في المجتمعات الإسلامية، من جنوب شرق آسيا إلى نهاية غرب آسيا، وهم كل المسلمين هو حرية فلسطين المحتلة، التي ستكون مع تدمير كيان الاحتلال قريبا إن شاء الله
والسلام و علیکم و رحمه الله و برکاته