باحث وعالم ايراني : عوامل وأسباب نشوء الخلافات العرقیة والقبلیة والطائفیة وإیجاد حلول لها

باحث وعالم ايراني : عوامل وأسباب نشوء الخلافات العرقیة والقبلیة والطائفیة وإیجاد حلول لها

قال رئيس كلية المذاهب الاسلامية في مدينة سنندج الايرانية " الدكتور عثمان يوسفي" : ان أصل الخلقة قائم علی التنوع والإختلاف وهذا الإختلاف یشکل أساس الخلقة وأنّ الله قد تجلی في هذا الإختلاف وأودع تجلیاته فیه. بمعنی أنّ أحد أسباب الإختلاف والتنوع هو الإختلاف في ماهیة الخلق، فالإختلاف اللغوي، والعرقي، واختلاف لون البشرة، والعین وغیرها التي أشار إلیها الله تعالی، وأیضا اختلاف اللیل والنهار، واختلاف الألوان والألسنة هو من المسلمات .


وفي مقاله خلال المؤتمر الافتراضي الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية، وجّه "الدكتور عثمان يوسفي" شكره وتقديره للمجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیه على توجيه دعوة له بالمشارکه في هذا الموتمر الذي يقام تحت شعار "التعاون الاسلامی من اجل بلوره القیم المشترکه والحدیث حول محور الحریه الفکریه الدینیه وقبول الاجتهاد المذهبی ومواجهه تیار التکفیر و التطرف".
واضاف الاكاديمي الايراني : فما یؤکد علیه الإسلام وتعالیمه السمحاء والتي تأمرنا بالإبتعاد عنها وتحاشي الخوض فیها هي الوقوع في الصراعات بسبب هذه الإختلافات وإثارة الفتن والعداء بسبب هذا الإختلاف. فهذا الإختلاف والتنوع ممودح و مرغوب فیه طالما یؤدي إلی إغناء المجتمع البشري وتجلب الخیر والبرکة للمجتمع وتطلق طاقات ومواهب أفراد المجتمع، لکن إذا دفعت هذه الخلافات الناس إلی هاویة الصراع ومتاهات الفتن وأثارت الأحقاد فهي مذمومة وقد نُهي عنها بشدّة.
 وبين الدكتور يوسفي : في إرهاصات ظهور الإسلام الحنیف وبعثة الرسول الأکرم (ص) کان المجتمع البشري بشکل عام والمجتمع العربي علی وجه الخصوص غارقاً في الصراعات وکان یعاني من الفتن والنزاع القبلي، والطائفي، واللساني، والثقافي، وغیرها من الصراعات التي کانت تعصف بالمجتمعات البشریة لسنین طویلة کان التطاحن والصراع یسود المجتمع القبلي؛ ولهذا ظهر مبدأ الحلف الذي هو عبارة عن إتفاقیة إجتماعیة سادت في المجتمع العربي قبل الإسلام.
واكد الباحث الجامعي إذن من أکبر أسباب الإختلاف ونشوب الصراع العرقي، والقبلي هو الإنسیاق الأعمی وراء أوجه الإختلاف العرقیة، واللغویة، والطائفیة والإنتماء الأعمی لها. اما العامل الآخر المؤثر في هذا الأمر هو الجشع لطلب المزید وعدم الإقتناع بما هو موجود. بالتکاثر والتباهي بأمجاد الأباء والأجداد الذي أشار إلیه القرآن بقوله: «ألهاکم التکاثر، حتی زرتم المقابر» وهذا الجشع في المجالات المختلفة یمکن أن یکون مصدر الخلافات القبلیة، والعرقیة، والطائفیة.
وأشار رئيس كلية المذاهب الاسلامية في مدينة سنندج الايرانية الى أنّ من أهم الأسباب الأخری التي یمکن أن یشار إلیها کعامل إجتماعي في المجتمعات الإسلامیة هو عامل الجهل وانعدام التنمیة في المجالات المختلفة في العالم الإسلامي. فهذا التخلف وانعدام التنمیة یمکن أن یکون بسبب الجهل وانعدام التقوی والإیمان وغلبة الرذیلة علی الفضیلة، وغیاب الحکمة في القرارات والإستشارة في الأمور، والشعور بالدونیة تجاه الأجنبي المستعلي کلها تؤدي إلی الصراع والإختلاف.
وتابع : لکن ثمّة حلول علی المستویات المختلفة لإدارة الصراعات یمکن أن نستقیها من القرآن، والسنة والتعالیم الدینیة ونروّج لها علی مستوی جمهور الناس، والعلماء، والمفکرین. کما یمکن بلورة منظومة قیم دینیة والترویج لها علی مستوی القادة السیاسیین، والحکام، وصناع القرار.
وفي الختام قال الدكتور عثمان يوسفي : إن توسیع نطاق الشبکات الإجتماعیة وتعزیز التواصل للتعرف علی البعض وتوطید وشائج الإخوّة من أهم آلیات مواجهة الخلاف والصراع. إن التمسك بالقرآن والحلول التي یقدمها وتأکیده علی ایجابیات الوحدة والتذکیر بسلبیات الشقاق وما یحمله بین طیاته من آثار مدمرة من أهم ما یمکن الإهتمام به في هذا المجال. کما أنّ الحوار العلمي بین النخبة والعلماء یمکن أن یؤدي دوراً حیویاً في تقلیص الإختلاف والشقاق بین أوساط المجتمع بمرّته وتعمل علی خفض الصراعات القبلیة، والعرقیة. فالتمسك بالرسول والتأکید علی الوحدة، والنهي عن التفرقة، والتأکید علی القواسم المشترکة الدینیة، ومحاربة العنصریة، وإرساء دعائم الوحدة وتوطید أواصر المجتمع، وتعلیم الناس وتثقیف الشعوب کلها تؤثر علی تقلیص الصراع والمشاحنات بکل أطیافها.