المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حديث التقريب ... بشائر الربيع

حديث التقريب ... بشائر الربيع

حديث التقريب
 
بشائر الربيع

شهر ربيع الأول أو ربيع المولد نحن في أيامه الأخيرة، يوشك أن ينقضي ويرحل وهو يحمل معه ذكريات وبشائر لها علاقة برسالتنا في التقريب بين المذاهب الإسلامية.

الحدث الأهم في هذا الشهر كان أسبوع الوحدة الإسلامية بين الثاني عشر والسابع عشر منه. خلال هذه الأيام قاومت الأمة الإسلامية بأجمعها التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها، فلم تعبأ بها، وأقامت احتفالات امتدت على محور طنجة – جاكارتا، ابتهاجًا بالمولد النبوي الكريم، واستذكارًا لما أكد عليه قائد مسيرة هذه الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام من ضرورة الوحدة واجتناب الفرقة. وعلى العادة في كل عام أقيم المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية في طهران وسط تحديات مضاعفة تواجهها الجمهورية الإسلامية هذا العام.
ولئن كان هدف المجمع هو التقريب بين مذاهب الأمة المعترف بها، فإن هذا الهدف لا يتحقق إلاّ بنهضة الأمة جهاديًا وثقافيًا وحضاريًا.
وربيع المولد هذا العام حمل معه أيضا بشائر في تصاعد هذه النهضة.
جهاديًا ظهرت على الساحة الفلسطينية باجتماع فصائل هذه الساحة على قلب واحد في واحد من أهم الأهداف التي تتطلبها الساحة، وهو عودة المياه إلى مجاريها الطبيعية في انتهاء القطيعة فيما بينها، وانهاء قطيعة بعضها مع سوريا، لقد كانت هذه القطيعة تحزّ في النفس. فظهر التواصل في القطيعة الأولى باجتماع الفصائل برعاية جزائرية كريمة وتعهّدها بأن تكون بأجمعها يدًا واحدة على عدوها وعدو الأمة.. على الكيان الغاصب المتغطرس العنصري الصهيوني.
وفي القطيعة الثانية شاهدت الأمة التقاء الفصائل وخاصة حماس مع القيادة السورية، وبذلك انتهت سنوات من التصدّع في محور المقاومة، هذا التصدع الذي كان يثير الشجن والألم والعتاب. ولا نزال نتذكر عتاب السيد القائد الإمام الخامنئي على حماس حين قابل القيادي خالد مشعل إذ قال له فيما روي:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا            من كان في يألفهم في المنزل الخشن
لقد أثبت الإخوة في حماس سموّ كرامتهم حين نذكروا الأيام الصعبة التي احتضنت فيها سوريا الفصائل الفلسطينية وقدمت لهم كل ما تستطيعه من دعم وحماية وإسناد.
وأيضًا جهاديًا برزت على الساحة الفلسطينية قامات شامخة يجب أن تخلّدها الأمة إلى جانب قامات الجهاد الفلسطيني الأخرى.
في نابلس وجنين ارتفعت إلى عنان السماء أسماء ابراهيم النابلسي. وأم إبراهيم النابلسي، وعدي التميمي، وظهرت في الأفق جماعة عرين الأسود وكتيبة جنين.
هذه هبّة مباركة لها ما بعدها من تصاعد روح المقاومة ومن ثم روح الحياة ومن ثم تحقق التقريب بين أبناء الأمة وتحقق الأمل في العودة إلى سالف العزّة والكرامة.
وثقافيا وحضاريًا، شهد هذا الشهر المبارك نهضة ثقافية وحضارية في الجزائر باعلان نهاية الفرانكفونية في هذا البلد، وإنهاء سيطرة اللغة الفرنسية في الجزائر، بعد هيمنة دامت قرون منذ الاحتلال الفرنسي لهذا البلد العزيز عسكريًا وثقافيًا. وفي تركيا حظر أتاتورك الحجاب، وفرض السفور بالقوّة، وبقيت آثار هذا الحظر بدرجة وأخرى حتى اليوم. والمدهش أن حزبًا علمانيًا قد أعلن أخيرًا معارضته لمنع الحجاب، وراحت الاحزاب الأخرى تتنافس في دفاعها عن الحجاب في البلاد التركية، وهذا يبشّر بأن الانحراف عن دين الفطرة سيفشل حتمًا ولا يكتب له البقاء رغم الجهود الضخمة التي يبذلها الغرب الرأسمالي لفرض ما يخالف الفطرة في عالمنا الإسلامي مثل الخلاعة والتعري والمثلية الجنسية ويبقى دين الفطرة وتعاليمه بما ينفع الناس ويذهب الزبد جفاء.
كل هذه الظواهر الجهادية والحضارية التي بشرّ بها شهر ربيع المولد تنبئ بولادة جديدة لامتنا الإسلامية وبسيادة دين الوحدة والتوحيد بإذن الله تعالى.
 
 
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية