المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حدیث التقریب : الدفاع المقدّس.. عِبرَ ودروس

حدیث التقریب : الدفاع المقدّس.. عِبرَ ودروس

حديث التقريب : لاتزال محاولات التمزيق الطائفي والعنصري تمارس نشاطها عبر مختلف السبل كي تبعد عن الاذهان فكرة الأمة الإسلامية الواحدة. ولا تزال أنواع الاسلحة بما في ذلك سلاح الدين المزيف ورجال الدين المزيفين تُسخدم لتنفيذ أغراضها. من هنا تأتي أهمية توعية المسلمين وأهمية جهاد التبيين وأهمية التقريب بين المذاهب الإسلامية، لمواجهة الحروب التي يعمل طغاة العالم على خلقها لتحرق الأخضر واليابس.

الدفاع المقدّس.. عِبرَ ودروس

تمرّ علينا هذه الأيام ذكرى الهجوم الغادر الذي شنّه نظام صدام على الجمهورية الإسلامية الوليدة عام 1980 وذكريات الدفاع الذي استمرّ ثماني سنوات، وها نحن في أسبوع إحياء تلك الذكريات وسمّي أسبوع الدفاع المقدس، وهو فرصة سنوية لاستثارة جراحات الماضي بل لأخذ العِبَر والدروس ممّا حدث فإن فيه ذكرى لكل من ألقى السمع وهو شهيد.
جيش كان يعتبر من أقوى جيوش المنطقة العربية هو الجيش العراقي، وكان الأمل معقودًا عليه ليساهم في تحرير فلسطين.
وثورة إسلامية انتصرت في إيران وكان شعارها الأول: اليوم طهران وغدًا فلسطين.

لكن القوى الاستكبارية والعصابات الصهيونية غيّرت اتجاه البوصلة باستخدام طاغية متفرعن غارق في أحلام التوسع والسيطرة هو صدام حسين فدفعت به إلى شنّ حرب ظالمة غادرة تحت عنوان "القضاء على الفرس المجوس"!
إيران التي كانت قد عادت لتوّها إلى دائرة الحضارة العربية الإسلامية أصبحت بمنطق صدام فارسية!، وثورتها التي كانت قد أعلنتها لاعلاء راية الإسلام قد أصبحت بذلك المنطق السقيم: مجوسية!

آلاف قد أُزهقت أرواحهم وأموال ضخمة قد بُددت وطاقات ضخمة قد أهدرت من العراق وإيران، فقط لإرضاء هوسٍ محموم لطاغية مستبد، ولابعاد إيران والعراق عن أي خطر يمكن أن يهدد العدو الصهيوني ومصالح القوى الكبرى في المنطقة.

الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه الواقعة كثيرة أهمها:

1 – إن مصالح القوى الكبرى ومصالح الصهيونية لا تزال تقتضي الايقاع بين البلدان الإسلامية لاستنزاف طاقاتها وإهدار ثرواتها وسفك دماء أبنائها، لابعادها عن امكانيات استعادة وجودها الحضاري وشخصيتها الرسالية على الساحة العالمية. لاتزال محاولات التمزيق الطائفي والعنصري تمارس نشاطها عبر مختلف السبل كي تبعد عن الاذهان فكرة الأمة الإسلامية الواحدة. ولا تزال أنواع الاسلحة بما في ذلك سلاح الدين المزيف ورجال الدين المزيفين تُسخدم لتنفيذ أغراضها. من هنا تأتي أهمية توعية المسلمين وأهمية جهاد التبيين وأهمية التقريب بين المذاهب الإسلامية، لمواجهة الحروب التي يعمل طغاة العالم على خلقها لتحرق الأخضر واليابس ولتحول بلاد المسلمين إلى دار البوار لاسمح الله.

2 – إن ثماني سنوات من الدفاع المقدس مع قلة الامكانيات ومع الحصار الشديد ومع ظروف الخروج من ثورة انفرط فيها كل شيء، أثبتت أن الأمة الإسلامية إن تحركت بوازع ديني وبأهداف عقائدية سامية قادرة على أن تتغلب على جبال راسيات من المصاعب والعقبات والاخطار وهذا ما حدث لأبناء الأمة في إيران، إذ انتصروا بشعار الله أكبر، وبشعار حتمية انتصار الدم على السيف، وبشعار نصر من الله وفتح قريب على جبهة حرب امتدت أكثر من ألف كيلومتر شارك فيها جيش قیل إنه كان الجيش الأول في المنطقة العربية.. جيش مدعوم عسكريًا ولوجستيا واستخباراتيا وإعلاميا من أوربا الغربية والشرقية وأمريكا. هذا انتصار كبير للإسلام وللعقيدة الجهادية الإسلامية قبل أن يكون انتصارًا لبلد أو لشعب وهو درس يجب أن يضاف إلى دروس الانتصارات الإسلامية التي تحققت عبر التاريخ، ولابد أنه مفخرة من مفاخر المسيرة الإسلامية عبر العصور.

3 – إن هذه الحرب قد شُنّت على إيران من بلد يشترك فيه مع الإيرانيين حضاريًا ودينيًا وثقافيًا وتاريخيًا، بل يشترك معه في الإنساب والتداخل الشعبي، بل حتى في العادات والتقاليد والأعراف. وهذه من عجائب التاريخ، كما أنها من الدروس التي تحذّر بلدان منطقتنا الإسلامية من الاخطار المحدقة بها ومن إمكان إشعال نار الفتن حتى بين شعوب البلدان المشتركة في المصالح والحضارة والتاريخ والجوار فالحذر الحذر من شرّ الوسواس الخناس فإنه دائم إلقاء الوساوس في نفوس الناس.

4 – إن هذه الحرب الظالمة كانت بالنيابة عن القوى الطاغية المستكبرة، ولم تكن بين الشعبين العراقي والإيراني على الاطلاق. الدليل على ذلك تدفق الإيرانيين على العراق وتدفق العراقيين على إيران بعد وقف الحرب مباشرة، وترحيب كل شعب بالآخر بحرارة في هذا التزاور.

ودليل آخر مشاركة العراقيين إلى جانب المقاتلين الإيرانيين في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية، وهذه حقيقة عرفها الجميع.
ولا يفوتنا أن نذكر الموقف الكريم من الشعب العراقي في تعامله مع الإيرانيين في زيارة الأربعين فلا تزال هناك الآلاف من الإيرانيين يزورون سيد الشهداء في كربلاء وأبية في النجف الأشرف ويحظون بتكريم مدهش عجيب من العراقيين، وهذا ما تكرر أيضًا في جميع السنوات التي أعقبت الحرب المفروضة الظالمة. إنّ انفصال الحكّام عن الشعوب يؤدي الى كوارث تضرّ بالحكام وبالشعوب معًا.
على أي حال مجموع ما جرى في سنوات الحرب مفعم بالعبر والدروس (فاعتبروا يا أولي الأبصار).
 
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية- الشؤون الدولية