حديث التقريب .. رمضــان غـــزّه

حديث التقريب .. رمضــان غـــزّه

هناك ارتباط واضح بين شهر رمضان المبارك وبين تصاعد روح المقاومة عند أهلنا في الأرض المحتلة؛ ولِمَ لا يكون هذا الارتباط قائمًا وشهر الصيام هو شهر المقاومة وتصعيد الإرادة.


وتعود أيام رمضان المباركة ولا يزال الشارع الفلسطيني عامة وغزّة خاصة يغلي مدافعًا عن المقدسات ومتحديًا من يريدون انتهاك الحرمات.

هناك ارتباط واضح بين هذا الشهر المبارك وبين تصاعد روح المقاومة عند أهلنا في الأرض المحتلة؛ ولِمَ لا يكون هذا الارتباط قائمًا وشهر الصيام هو شهر المقاومة وتصعيد الإرادة.

التغيير في الإنسان والتغيير في المجتمع يبدأ من المحتوى الداخلي للأفراد والجماعات: [ِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم]، مقاومة الجوع والعطش والشهوات يفرز مقاومة محاولات الإذلال والهزيمة، ويرفع من قوة المقاومة أمام المعتدين.

ثم إن الأجواء الإيمانية في هذا الشهر تبعث على التقوى والصوم أيضًا هدفة التقوى: [لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ]، والتقوى درع حصينة في ساحة المواجهة والجهاد والثبات.

والإيمان نفسه إذا تعمّق في الإنسان فإنه ببعده عن كل وهن وحزن، ويجعله يستعلي على كل انحطاط : [وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ].

ثم إن شهر رمضان المبارك شهر نزول كتاب هو منبثق عزّة الأمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. كتاب الدعوة إلى العزّة الحقيقية لا السرابية، [مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا]، وهو كتاب تكريم الإنسان، وأيّ انسان [َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ]، وكتاب الدعوة إلى بذل النفس والنفيس من أجل الدفاع عن المستضعفين والمظلومين. [مَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا].

إنه شهر نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وهي ليلة خير من ألف شهر، ولذلك لاجرم أن تكون واحدة من أعظم حوادث التاريخ الإسلامي في هذا الشهر ذاته وهي غزوة بدر حيث تحقق الانتصار الكبير على المشركين وكانت تلك بداية حاسمة للفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام في الجزيرة العربية ثم في ربوع العالم كله.

ما يذكره المؤرخون من الغزوات والسرايا في هذا الشهر المبارك بدل على أن شهر الصوم كان يمنح المسلمين المجاهدين مع رسول الله طاقة مضاعفة تدفعهم إلى التضحية في سبيل تحقيق تقدم مسيرة الإسلام بكل ما يحمله من خصائص إنسانية وحضارية ليحل محل الظلم والظلام والجهل والاستهانة بكرامة الإنسان.

وما يحدث في الساحة الفلسطينية أيام شهر رمضان المبارك هو استمرار لذلك العطاء الروحي والمعنوي الذي يضخّه هذا الشهر في نفوس المؤمنين.

وليس ببعيد أن يكون الانتصار الحاسم لرسالة السماء الخاتمة في هذا الشهر أيضًا بإذن الله تعالى، واعلان يوم القدس العالمي قد يكون إيذانًا بنصر قريب في فلسطين، وبزوال الظلم والجور من ربوع المعمورة. ففي الإعلان الذي أصدره الإمام الراحل الخميني قدس سرّه جاء: «إن يوم القدس ليس خاصًا بالقدس وإنما هو يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين».

تصاعد تعنّت الصهيونية والاستكبار العالمي في احتلال القدس وفي ارتكاب المجازر في غزّة جعل حركة الشعب الفلسطيني وحركة الشعوب الاسلامية والشعوب المحبة للسلام في مقاومة المعتدين أشدّ من أي وقت آخر، وها هم أهلنا في الأرض المحتلة عامة وفي غزّة خاصة يقفون على اعتاب الشهر الفضيل وفي أيام هذا الشهر صابرين صامدين بوجه الاحتلال رغم قلة إمكاناتهم، ورغم ما ينزل بهم من ظلم المطبعين وانكشاف تآمر ذوي القربى عليهم دونمًا حياء واستتار، مؤمنين بأن الزبد سوف يذهب جفاء وأن العاقبة للمتقين، و واثقين بقوله سبحانه : [وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ].

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية /
الشؤون الدولية