حديث التقريب ... موقف منطقي ومقبول
السيد القائد يؤكد دائمًا في معرض حديثه عن القضية الفلسطينية بأن «موقفنا من القضية الفلسطينية موقف منطقي ومقبول. قبل عشرات السنين كان جمال عبدالناصر – الذي حظي بشعبية عربية واسعة ـ يقول في شعاراته: سنقذف اليهود الغاصبين لفلسطين في البحر. وبعده بسنين كان صدام حسين ـ الذين كان الوجه الكريه في الساحة العربية – يقول: سنحرق نصف أرض فلسطين. نحن نرفض الشعارين. في أصولنا الإسلامية لا إلقاء اليهود في البحر ولا إحراق نصف فلسطين معقولاً أو منطقيًا.
«موقفنا أن الشعب الفلسطيني يجب أن ينال حقّه. هذا البلد ملك للشعب الفلسطيني، فلسطين ملك الفلسطينيين، ومصير الفلسطينيين يجب أن يقرره الفلسطينيون. وهذه ساحة اختبار لمصداقية أدعيا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
«الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه ويهوده هم المالكون لفلسطين، والوثائق التاريخية والجغرافية تشهد على ذلك، وهؤلاء هم الذين يقررون مصير حكومة فلسطين في استفتاء عام أمام أنظار العالم. وتلك الحكومة ستكون حكومة شرعية. في إطار تلك الحكومة يجب معاقبة الجناة الذين ارتكبوا الجرائم في فلسطين. وتلك الحكومة ستتخذ القرار بشأن الذين هاجروا إلى فلسطين من أرجاء العالم. هذا كلام منطقي.
«ملايين الفلسطينيين يعيشون اليوم في الشتات وملايين الفلسطينيين يعيشون في أسوأ حال في المخيمات، لكن أرضهم بيد أناس آخرين. ليس هذا الامر معقولاً وليس منطقيًا.
«مرور خمسين أو خمس وخمسين سنة على هذه القضية لا يزيل هذه الجريمة، ولا يقلل من فداحتها. مرور الزمان لا يمكن أن يزيل من لائحة العالم حقًا كالحق الفلسطيني. فلسطين حية وشعب فلسطين حيّ ومستقبل فلسطين واعد ووضّاء.
«الشعب الفلسطيني يجب أن يعتمد على الله وعلى قواه الذاتية وأن يبعد عن الشعور بالتعب. عليه أن يحافظ على إيمانه وإرادته ودافعه وطموحاته. كما أن جنوب لبنان قد عاد بعد اثنين وعشرين عامًا، فإنه من الممكن أن تعود بعد سنين أجزاء من فلسطين المحتلة، ثم في النهاية تعود كل فلسطين المحتلة إلى الشعب الفلسطيني. اليوم يرى كثير من الناس أن هذا الأمر بعيد، وبالأمس كان هناك من يرى تحرير جنوب لبنان بعيدًا ومحالاً، لكن ذلك حدث.
«القضية الفلسطينية لا يمكن حلها بهذا الشكل. لا يمكن إنهاء القضية بالانسحاب عن قسم من الأراضي المحتلة. أنْ يأتي شخص يحتل بيتك بالقوّة، ثم بعد مدة يعطيك غرفة صغيرة في زاوية من البيت، ويسجّل بقية البيت باسمه!! هل هذا ممكن؟!
«سلبوا فلسطين، والآن اضطروا للانسحاب من زاوية من فلسطين. ويريدون أن يقال لهم طيب، الآن إذ انسحبتم من هذه الزاوية فإن كل بقية فلسطين هي ملككم!! هل هذا ممكن؟! مسألة فلسطين لا يمكن حلّها بهذا الشكل.
«في قضية فلسطين ثمة ثلاث مسائل هامة، أشرت إليها، وهذه المسائل البارزه ستبقى في ذاكرة التاريخ.
«المسألة الاولى ما يرتكبه الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني من ظلم فظيع قلّ له نظير.
هذا سيبقى في صفحات التاريخ. شابٌ عانى من أنواع المصائب والويلات يضحّي بنفسه لينزل ضربه بأولئك الذين اغتصبوا داره، ثم يُستشهد هو في الحادث، ويأتي الصهاينة على أثر ذلك إلى بيت ذلك الشاب ووالده ووالدته فيهدمونه بالجرافات، وينزلون أنواع الأذى والتعذيب بأسرته. يقتحمون المخيمات والمدن بالدبابات، ويشنون هجومهم على البيوت فيهدمونها وعلى المزارع فيجرفونها ويزهقون أرواح الناس. أصبح قتل الأطفال والشباب والشيوخ من الرجال والنساء في فلسطين ممارسة يومية!! إن هذا لأمر عجيب، هذه حوادث تاريخية وستبقى في ذاكرة التاريخ.
«المسألة الثانية التي ستخلد في التاريخ ما يسجله الشعب الفلسطيني من أسطورة في الصبر والاستقامة. شعب محاصَر، ووحيد ويحيط به الأعداء، لكنه صامد بهذا الشكل . يصبر على الجوع وعلى أحزان فقدان الأبناء والشباب، وعلى هدم البيوت وتجريف المزارع وعلى البطالة. ملايين الفلسطينيين، وهم طبعًا ليسوا جميعًا من أعضاء الأحزاب والفصائل، يقفون بنسائهم ورجالهم وصغارهم وكبارهم وشيوخهم صامدين بكل اقتدار. وهذا سيبقى خالدًا في التاريخ، هذه المسألة بارزة في القضية الفلسطينية، وستُلفت إليها الأنظار في التاريخ.
«المسألة الثالثة سكوت المحافل الدولية والحكومات. هؤلاء السادة الأوربيون يتبجّحون بحقوق الإنسان، ويبدون اهتمامهم بحقوق الإنسان، لكنهم يؤثرون السكوت غالبًا أمام هذه الحوادث، بل كثيرًا ما يساعدون الظالمين. هذا عجيب حقًا.
«دعنا عن أمريكا، فهي شريكة في هذه الجريمة، الحكومات الامريكية يدها ملطخة حتى المرفق بالدم الفلسطيني.
«لو قُدّر لمحكمة أن تقضي بشأن الفلسطينيين فالمتهم في تلك المحكمة ليس الصهاينة فحسب، بل المتهم أيضًا أمريكا وبوش هذا وبطانته والحكومات الأمريكية. هؤلاء أيضا في رأس قائمة المتهمين، دعنا عن هؤلاء. المسألة مسألة المجامع الدولية، مسألة منظمة الأمم المتحدة، مسألة الحكومات الأوربية الذين يتبجّحون بحقوق الإنسان لكنهم يتجاهلون هذه الحقوق (في فلسطين) ولا يعيرونها احترامًا. وطبعا هذه أيضا مسألة الحكومات الأخرى، سكوت الحكومات المسلمة عجيب حقًا!!
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية
