حديث التقريب .. بطلة كربلاء تواصل مشروع اخيها الحسين
حديث التقريب .. بطلة كربلاء تواصل مشروع اخيها الحسين
واقعة الطف انتهت في يوم العاشر من محرم سنة 61هـ. وكان شعار الحسين بن علي فيها "هيهات منّا الذلة". لقد سجل الحسين واصحابه ورجال اهل بيته في ذلك اليوم ملحمة كبرى تتلخّص في بيان ما للعزّة من مكانة في حياة الفرد وحياة المجتمع وبيان ما يجب أن يقدمه الانسان والمجتمع الانساني من تضحيات جسام في سبيل هذا الهدف الكبير.. (العزّة).
ذلك لأن (الإحياء) الذي هو هدف الرسالات السماوية مرتبط بالعزّة.
ولابد أن تتواصل عملية الإحياء بعد عاشوراء، وإلاّ ظل هذا الهدف الانساني الرسالي الكبير منحصرا في كربلاء وفي يوم واقعة كربلاء.
ونهض بمهمة هذا التواصل المؤمنون برسالة الحسين والمتفهّمون لهدفه الكبير... وعلى رأسهم بطلة كربلاء زينب بنت علي أخت الحسين.
ثمة قرائن كثيرة لا مجال لذكرها تبين أن هذه المرأة كانت مؤهلة للنهوض بهذه المهمة، وإلاّ كيف يمكن لامرأة مفجوعة بأهلها وحماتها أن تقف عند جسد أخيها في موقف يهدّ الجبال وتقول في شجاعة ورباطة جأش: "اللهم تقبّل منّا هذا القربان"!!
لقد تحركت في كربلاء تجمع الاطفال الذين خرجوا مدهوشين من خيامهم المحترقة، ولتسير بهم مع قَتَلة أخيها في قافلة الأسرى. الشاعر دعبل الخزاعي هزّ العالم حين صوّر هذا الموقف في لوحة محيّرة مدهشة:
بنات زياد في القصور مصونة
وآل رسول الله في الفلوات!!
لم يظهر على بطلة آل بيت النبوة أي انكسار، وقفت كالجبل حين دخلت الكوفة على واليها ابن زياد لتقول له : "ما رأيت الاّ جميلا".
قدمت بالمحافظة على العزّة دروساً للمسلمين في جيلها وفي جميع الأجيال، عند كل موقف من مواقفها.
أفهمت الأطفال الأسرى أنهم أعزّة رغم الاسر، لانهم من أهل بيت النبوة. في الرواية أن قافلة السبايا حين دخلت الكوفة قدّم بعض أهل هذه المدينة تمراً وخبزاً. فصاحت زينب: "الصدقة حرام علينا أهل البيت" فرمى كل واحد منهم ما في يده أو فمه رغم ما كان يعانيه من جوع وراح يقول لصاحبه: إن عمتي تقول إن الصدقة حرام علينا أهل البيت.
والشجاعة خصلة بارزة في حياة السيدة زينب سواء في الكوفة أمام عبيد الله بن زياد أو في الشام أمام يزيد بن معاوية، أو ما كان منها في المدينة المنورة او حين تحركها نحو مصر.
ومن عباراتها أمام عبيدالله بن زياد والي الكوفة قولها:
"و لئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرّى".
الطاغية المتفرعن أمامها لا يستحق حتى التقريع والتوبيخ، فهي اكبر من أن تخاطبه بأي شيء حتى بالتقريع والتوبيخ.. أية شجاعة هذه؟!!
وما خاطبت به يزيد بن معاوية قولها:
"فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ... (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
هذه المفاهيم بثتها زينب في المجتمع، وانتشرت وذاعت بفضل هذه المواقف البطولية في كربلاء وبعد كربلاء. وكانت الشرارة التي أيقظت الناس من سباتهم، ورفعت همتهم، وشدّت عزمهم. ولا تزال تفعل فعلها في بقاع مختلفة من عالمنا المعاصر، وخاصة في الارض الفلسطينية المحتلة. وحبذا لو ارتفع هذا الصوت..صوت العزّة والمقاومة ليقرع آذان الذين رضوا بالذل والهوان وباعوا كرامة شعوبهم بأبخس الاثمان.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية