بمناسبة ذكرى انتخاب الامام الخامنئي لقيادة الامة خلفا للامام الراحل واسقبال شهر ذي الحجة الحرام؛
حديث التقريب.. العزّة في نداءات الامام الخامنئي للحجاج
في الثالث من يونيو حزيران، أعلن عن ارتقاء الامام الخميني (رض) إلى الرفيق الاعلى، وفي نفس اليوم.. نعم في نفس اليوم انتُخب الامام الخامنئي لمنصب القيادة خلفاً للإمام الراحل. وفي هذا الشهر أيضًا نستقبل ذي الحجة الحرام (19 يونيو حزيران).
وبهذه المناسبة نقف عند مقاطع من نداءات الامام الخامنئي الى حجاج بيت الله الحرام، وهي تركز على ضرورة إحياء روح العزة في الفرد المسلم والمجتمع المسلم.
الحج منطلق العزّة
أبرز ظاهرة في نداءات الحج الموجهة من القيادة الاسلامية في عصر الامام الراحل وخلفه التأكيد على الحج وعلى قدرة هذه الفريضة أن تتغلب على كل ضعف في المسلمين وأن تخلق كل مقومات عزتهم وكرامتهم.. وربّما تثير مثل هذه الأحاديث استغرابا عند كلّ من يرى فريضة الحج بوضعها الحالي حيث تتجه مجموعة من المسلمين كل عام لأداء نسكها وتعود إلى موطنها دون أن يتحرك ساكن في هذه الأمة.
غير أن السيد القائد يرى بأن هذا الحج ليس بالحج الصحيح.. لأن هذه العبادة الجماعية شرّعت لتوثيق عرى الأمة، وترسيخ الهوية، واستعراض القوّة، وتثبيت العزّة، يقول :
«الحج الصحيح يستطيع أن يحدث تغييرا في المحتوى الداخلي لكل فرد من أفراد المسلمين. يستطيع أن يغرس في نفوسهم روح التوحيد والارتباط بالله والاعتماد عليه، وروح رفض كل الاصنام الداخلية والخارجية في وجود الكائن البشري، هذه الاصنام المتمثلة في الأهواء والشهوات الدنيئة والقوى الطاغية المسيطرة، يستطيع أن يرسّخ الاحساس بالقدرة والاعتماد على النفس والفلاح والتضحية. ومثل هذا التحول يستطيع أن يصنع من كل إنسان موجودا لا يعرف الفشل ولا ينثني أمام التهديد ولا يضعف أمام التطميع. والحج الصحيح يستطيع أن يصنع من الاشلاء الممزقة لجسد الامة الاسلامية كيانا واحدا فاعلا مقتدرًا، وأن يجعل هذه الأجزاء المتفرقة تتعارف وتتبادل الحديث عن الآمال والآلام والتطورات والاحتياجات المتقابلة والتجارب المستحصلة. لو أن الحجّ وضع ضمن إطار برنامج يتوخّى هذه الأهداف والنتائج وتتظافر عليه جهود الحكومات والعلماء وأصحاب الرأي والكلمة في العالم الإسلامي، لعاد على الأمة الإسلامية بعطاء ثرّ لا يمكن مقارنته بأي عطاء آخر في دنيا الاسلام.يمكن القول بكل ثقة أن هذا التكليف الالهي وحده، لو استثمر استثمارا صحيحا كما أرادته الشريعة الاسلامية، يستطيع بعد مدة غير طويلة أن يبلغ بالأمة الاسلامية مايليق بها من عزة ومنعه».
ويقول: «نعم، الحج عبادة وذكر ودعاء واستغفار، لكنه عبادة وذكر واستغفار في اتجاه تحقيق الحياة الطيبة للامة الاسلامية، وإنقاذها من أغلال الاستعباد والاستبداد وآلهة المال والقوة، وغرس روح العزة والعظمة فيها، وإزالة الضعف والخور عنها».
ويقول: «الحج قادر على إحياء روح التوحيد في القلوب، وعلى تجميع أشلاء الأمة الاسلامية الكبرى، وعلى استعادة عظمة المسلمين، وعلى انتشالهم من حالة الاحساس بالوهن والذل المخيمة عليهم. الحج قادر على أن يقرّب أدواء المسلمين من الدواء، وأن يعالج أكبر ما فيهم من داء يتمثل في سيطرة الكفر والاستكبار ثقافيا واقتصاديا وسياسياً».
ويقول: «الحج مظهر التوحيد، والكعبة بيت التوحيد. تكرر (ذكر الله) في الآيات الكريمة المرتبطة بالحج دلالة على وجوب إزالة كل عامل غيرالله تعالى من ذهن المسلمين وعملهم، وتطهير حياتهم من أنواع الشرك في هذا البيت وببركة هذا البيت. "الله" سبحانه محور كل حركة في ساحة الحج، والطواف والسعي والرمي والوقوف وسائر شعائر الله في الحج يمثل كل واحد منها مشهدًا من مشاهد الانجذاب الى الله وطرد ورفض (أنداد الله). وهذه هي الملة الحنيفية.. ملة إبراهيم(ع) محطم الاصنام الكبير وداعية التوحيد المطل على قمة التاريخ».
ويلخص معالم طريق العزّة التي تنهجها الجمهورية الاسلامية والتي تثير سخط المستكبرين فيقول :
«في نظام الجمهورية الاسلامية مايثير سخط أمريكا وكل مستكبر آخر هو:
الاول : عدم انفصال الدين عن السياسة والاساس الاسلامي لنظام الجمهورية الاسلامية.
الثاني – الاستقلال السياسي لهذا النظام، أي عدم استسلامه أمام التعنّت المعروف لدى القوى الكبرى.
الثالث – إعلان طريق مشخص لحل مسألة فلسطين من قبل الجمهورية الاسلامية يتثمل في انحلال النظام الصهيوني الغاصب وإقامة دولة فلسطين من الفلسطينيين أنفسهم والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود في فلسطين.
الرابع – الدعم المعنوي والسياسي لكل النهضات الاسلامية وإدانة كل إساءة الى المسلمين في أية بقعة من العالم.
الخامس – الدفاع عن كرامة الاسلام والقرآن والنبي الاعظم(ص) وسائر الانبياء ومواجهة مؤامرة نشر الاهانة بهذه المقدسات نظير ما حدث بشأن كاتب الآيات الشيطانية المهدور الدم.
السادس السعي لاتحاد الامة الاسلامية وإقامة التعاون السياسي والاقتصادي بين الحكومات والبلدان الاسلامية، والتحرك على طريق ترسيخ اقتدار الشعوب المسلمة في إطار "الأمة الاسلامية الكبرى".
السابع – رفضُ الثقافة الغربية المفروضة التي تسعى الحكومات الغربية عن تعصّب وضيق نظر الى إجبار كل شعوب العالم على قبولها، والاصرار على إحياء الثقافة الاسلامية في البلدان الاسلامية.
الثامن – مكافحة الفساد والتحلل الجنسي الذي اعترفت بعض البلدان الغربية وخاصة أمريكا وبريطانيا أخيراً رسميًا بأبشع ألوان انحرافه بكل وقاحة أو هي عازمة على هذا الاعتراف، والوقوف بوجه خطط الغرب القديمة الرامية الى نشر أشكال هذا الفساد في البلدان الاسلامية.
هذه هي التي تدفع أمريكا وبطانتها الى عداء حاقد للجمهورية الاسلامية».
هذه بعض أبعاد الدعوة الى العزّة في نداءات السيد الامام، ولا نغالي إذا قلنا إن هذه النداءات تشكل بأجمعها «حديث العزة».. نقدّمها الى كل المهتمين بقراءة خطاب القيادة الاسلامية .. وإلى كل المهتمين بعزّة أمتهم.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية