حديث التقريب ..

تجديد ذكرى "سوار الذهب"

تجديد ذكرى "سوار الذهب"

المشير "عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب" (رضوان الله تعالى عليه)، مسك بزمام المدنيين من أجل استتباب الأمن في السودان ولكن سلّمها بعد عام واحد فقط، إلى انتخابات حرّة بين المدنيين، وانسحب هو ليمارس خدمته لشعبه ولبلاده في خندق آخر.

قيل سابقًا «وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر».. في ظلمات ما يحلّ بأهلنا في السودان من كوارث هي بإجماع المراقبين ناتجه عن صراع المصالح الداخلية والإقليمية والدولية، يتذكر الإنسان رجل السودان الذي تجاوز مصالحه الذاتية، وأقدم على خطوة هي أسمى ما يمكن أن يُقدم عليه إنسان حرّ يرى مصلحة شعبه فوق مصالحه، وفوق رغبة السلطة والحكم والمنصب. إنه المشير عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب -رضوان الله تعالى عليه – هذا الرجل مسك بزمام المدنيين من أجل استتباب الأمن في بلاده، ولكن سلّمها بعد عام واحد فقط، إلى انتخابات حرّة بين المدنيين، وانسحب هو ليمارس خدمته لشعبه ولبلاده في خندق آخر.

نحن في هذا المقال نحيي ذكراه آملين أن يعود الأمن والسلام إلى ربوع السودان بفضل تغليب مصلحة البلاد والعباد على المصلحة الشخصية والفئوية.

نحيي ذكرى الرجل من خلال لقاء بينه وبين السيد القائد الخامنئي حين كان ضمن مجموعة أعضاء لجنة تنسيق العمل المشترك، وكان ذلك اللقاء في شهر محرم عام 1419هـ وفيه ألقى سوار الذهب كلمة هذا نصها:    
«بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد للَّه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 
سماحة آية الله العظمى القائد السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏
إنه يسعدنا ويشرفنا أن نكون اليوم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بلد الإسلام والقرآن والعزة والكرامة، ونفخر اليوم باللقاء بسماحتكم قائدًا لجمهورية فتية وشعب عظيم، وننقل إليكم آمال وطموحات جماهير المسلمين لتحقيق عزتها وكرامتها، خاصة وأن بلدكم اليوم يتسلم قيادة الأمة الإسلامية بتوليها رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي لهذه الدورة، والتي نظمتها الجمهورية الإسلامية فكانت الأحكم إعدادًا والأنجح مقررات ونتائج، ولا نشك بأن قيادتكم الرشيدة سوف تؤدي إلى تحقيق تلك الآمال، خاصة ويساعدكم ويساندكم في أمانة المنظمة دولة الوزير الأول المقتدر الدكتور عز الدين العراقي الذي نشطت الأمانة في عهده بما يبشر بخير عميم بإذن الله.
كما نرجو أن نعبر عن فخرنا واعتزازنا بما شهدنا من تقدم وازدهار في الجمهورية الإسلامية والتي بحمد الله أصبحت أملاً للمسلمين، ونهنئكم على تجاوز العقبات وتحقيق الانتصارات الباهرة على كل قوى الاستكبار التي ظلت تكيد لكم وتتربص بكم لتركيع هذا الشعب المسلم العظيم، ولكن بحمد الله وبتوفيق منه وصمود شعبكم ورشيد قيادتكم فقد انتصرتم وشفيتم صدور قوم مؤمنين، فجزاكم الله عنا كل خير.
كما أرجو أن أشيد بالسياسة الحكيمة التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية ودعوتها لِلَمّ الشمل وتوحيد الصف الإسلامي ونزع فتيل وعوامل التوتر بالمنطقة والدعوة إلى الحوار والمنطق لتجاوز الخلافات، والدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ورفع الفواصل التي باعدت بين أبنائها وجعلتهم لا يعترفون ببعضهم البعض. ومصداقًا لتوجهكم وتحقيقًا لتلك الغاية، أقمتم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب وأنشأتم جامعة تدرس فيها كافة المذاهب الإسلامية.
كما نشكر للجمهورية الإسلامية حسن الاستقبال وكرم الضيافة ونشيد بالجهود المقدرة التي يبذلها حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ محمد علي التسخيري رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية وجميع معاونيه على مابذلوا من جهد مقدر وعظيم في تنظيم هذه الدورة المباركة وجزاهم الله كل خير.
وقبل أن أختم كلمتي إن كان لي من شي‏ء أعتز به فإنني حينما كنت رئيسًا للسودان وكانت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسودان مقطوعة أمرت بعودتها فورًا. وبحمد الله منذ تلك اللحظة وحتى الآن تسير العلاقات سيرا طيبًا فجزاكم الله كل خير.
وفي الختام نؤكد لكم يا سماحة القائد بأننا جميعًا نعمل معكم يدًا بيد من أجل إعلاء كلمة الله والصمود في وجه الهيمنة والظلم، ومن أجل تحقيق وحدة الأمة الإسلامية واسترداد ما اغتصب من أرض وحق، ونعدكم بالعمل معًا حتى يكون الإسلام حاضرًا وفاعلاً ومؤثرًا في مجريات الأحداث في العالم. والله أكبر والعزة للإسلام. حفظكم الله وبارك فيكم ونفع بكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏».

ثم ألقى السيد القائد كلمة، شكر فيها المشير سوار الذهب وقال :
«أنا أعرف سوار الذهب منذ سنين، ولكن عن بُعد، وأنا مسرور أن ألتقي به الآن عن كثب. وتلك الذكريات التي سردها هي أيضًا حلوة في مذاقنا بنفس الدرجة.
حينما استلمتم السلطة نحن احتفلنا في إيران، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على السودان حكومة وشعبًا بالثبات والاستحكام».

"حديث التقريب" يؤمّن على هذا الدعاء ويرجو كشف هذه الغمّة عن هذه الأمة بحول الله وقوته.
 
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية / الشؤون الدولية