المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية - الشؤون الدولية
نداء التقريب إلى أهلنا في أفغانستان
نداء التقريب إلى أهلنا في أفغانستان
من المؤكد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيكون لها الموقف المناسب من الساحة الأفغانية، وما يجري فيها غير أن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية باعتباره مؤسسة غير حكومية تحمل هموم العالم الإسلامي وتدعو إلى تجاوز ما يواجه الأمة من تحديات، لابد أن يكون له الموقف المتناسب مع أهدافه تجاه مجريات الأحداث في البلد الجار المسلم الأفغاني.
إنّ الهزيمة النكراء التي مُنيت بها أمريكا في هذا البلد وطريقة خروجها المذلّ، وترك أفغانستان في وضع كارثي ماساوي مؤلم هو درس لأولئك الذين يستظهرون بالدعم الأمريكي في بقائهم وحكمهم وسيطرتهم على مقاليد سلطتهم.
كما أن الاستسلام السريع المذهل للجيش الأفغاني والجهاز الحاكم في أفغانستان يدلّ على أن أمريكا وحلفاءها كانوا خلال عشرين عامًا الماضية لا يقدمون لأفغانستان شعبا وحكومة سوى المكر والخداع والوعود الكاذبة الواهية، فلا تدريب ولا تسليح ولا دعم عسكري ولا اقتصادي بل كل ما قدموه لا يعدو سوى مكر في مكر سرعان ما انهار حين دُكت قواعده وخرّ السقف على المحتلين وحماتهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون.
والآن – إذ تخلّص الشعب الأفغاني الشقيق من المحتلين يجب أن يثبت جدارته في إقامة حكومة بديلة ومجتمع بديل يزيل ما قد علق في الأذهان تجاه حركة طالبان في القرن الماضي من صورة لا تُعز الإسلام وأهله.
الحاجة الملحة في أفغانستان هو إحلال روح «الأخوّة» بين الشعب الأفغاني لتجاوز فترة الحروب المحزنة التي مرّت بها البلاد. بحاجة إلى الأمن والاستقرار، وإلى مشروع يدفع نحو تجاوز سنوات الدماء والدموع ويدفع بالشعب الأفغاني نحو استثمار طاقاته البشرية والطبيعية للبناء ولإقامة الدولة الكريمة التي تعزّ الإسلام وأهل الإسلام.
وإذ قلنا إن حاجة الشعب الأفغاني إلى أجواء «الأخوّة» فإننا نستذكر قوله سبحانه: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا) .. وإذا كانت الآية الكريمة تتحدث عن أهل الجنّة، فإنها تقرر قاعدة عامة للمجتمع الإنساني في كل زمان ومكان.
الأخوّة الإنسانية الإسلامية لاتتحقق إلا بنزع «الاغلال» أي نوع من الاغلال. الاغلال العشائرية والطائفية والحزبية والقومية و.. كل هذه الاغلال تقيّد حركة الإنسان والمجتمع البشري من أن يتحرك نحو تحقيق مشروع «الأخوّة».
الشعب الأفغاني الشقيق المسلم ذو مكونات مختلفة، العرقية منها، والمذهبية، والفئوية..
وفي هذا التنوع خير كبير لو أدّى إلى تبادل معرفي (أو التعارف بالتعبير القرآني) لكنه يؤدي – لا سمح الله – إلى عائق دون تحقيق مشروع الأخوّة إذا تحوّل إلى غلِّ في الصدور.
إننا في المجمع العالمي للتقريب ننظر بعين الأمل إلى حركة طالبان وكل المشاركين في الدولة الأفغانية المرتقبة لأن تستفيد من تجاربها السابقة، وتجارب الساحة الإسلامية بإيجابياتها وسلبياتها كي تحقق أهداف الأمة الإسلامية التي تسمّرت عيونها لتتابع أحداث أفغانستان، ولتدعو الله سبحانه أن يقي هذا البلد المسلم من كل سوء، ويوفّق شعبه وحكومته المرتقبة إلى مستقبل أفضل بعون الله ومنّه.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
العلاقات الدولية