حديث التقريب ..

الالتزام بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة

الالتزام بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة

الالتزام بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة
شعار الإحيائيين كلهم

 

لا تجد إحيائيًا في العصور الاسلامية المختلفة إلاّ وشعاره الدعوة إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.

الكتاب الإحيائي الأول للمسلمين أعني القرآن الكريم آياته في معظمها تدور حول هذا الشعار وهذه الدعوة. فالتوحيد بمعناه القرآني هو التحرر من عبادة الآلهة المزيفة والتوجه نحو الاله الواحد الحق.. التحرر من عبادة الأهواء المنحطة، ومن عبادة الاصنام البشرية ورفض كل ما يعيق المسيرة البشرية نحو كمالها النشود. وتوحيد الكلمة يعني رصّ الصفوف والتعبئة الشاملة من أجل مقاومة أعداء الإنسانية.

أبرز الإحيائيين الذين كرّسوا خطابهم لهذه الدعوة في عصرنا هو الإمام الخميني(رض) وتابعه بذلك بقوة وباستمرار خَلَفه الإمام الخامنئي حفظه الله.

نقف في أجواء الحج عند مقطع من نداء الإمام القائد إلى حجاج بيت الله الحرام في ذي القعدة عام 1413ه.

يقول:
«وها أنا ذا أغتنم فرصة التدبّر في مناسك الحج، مؤملا رحمة الله وهدايته؛ داعيا لكم أيها الأخوة والأخوات من جميع أرجاء العالم الإسلامي، أن يكون حجّكم مقبولا معطاءً، مذكرا إياكم بأمور يعود الانتباه اليها بالنفع على كل أفراد المسلمين.

التوحيد أولاً :
1 – الموضوع الأول يرتبط بالتوحيد الذي يشكل روح الحج الأساسية ومضمون كثير من أعماله ومناسكه. التوحيد بمفهومه القرآني العميق يعني التوجه والحركة نحو الله ورفض الاصنام والقوى الشيطانية.

أخطر هذه القوى في داخل وجود الكائن البشري هي النفس الامّارة والأهواء المضللة الدنيئة. وعلى ساحة المجتمع والعالم هي تلك القوى الاستكبارية المشاغبة المفسدة المسيطرة اليوم على حياة المسلمين والمهيمنة بسياستها على جسم وروح كثير من الشعوب الاسلامية بأساليبها الشيطانية. شعيرة البراءة في الحج إنما هي إعلان البراءة من هذه القوى.

كل عين بصيرة ونظرة معتَبرة تستطيع أن تشاهد في حياة المجتمعات الاسلامية مظاهر تسلط تلك القوى أو سعيها للسيطرة على البلدان الاسلامية. في بعض هذه البلدان تخضع السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية والمواقف تجاه حوادث العالم لتأثير القوى السلطوية وعلى رأسها أمريكا وتتماشى معها. 

استشراء الفساد وإسباغ الصفة الرسمية على الفحشاء والمحرمات الشرعية في كثير من هذه البلدان إنما هو بتأثير ما تمارسه تلك القوى من سياسات شيطانية.

الواجب الذي يفرضه الحج ومناسكه وشعائره التوحيدية على المسلم الحاج هو إعلان البراءة من هذه كلها. وهذه أول خطوة على طريق تجسيد الارادة الاسلامية في دحر هذه الظاهرة الشيطانية وإحلال حاكمية الاسلام والتوحيد في جميع المجتمعات الاسلامية.

الوحدة ثانياً :
2- والموضوع التالي يرتبط باتحاد المسلمين وتوحدهم، وهو مايشكل مضمونًا بارزًا آخر في مناسك الحج. منذ أن دخل الاستعمار الأوربي في البلدان الاسلامية كانت التفرقة بين المسلمين من المبادئ الحتمية في سياسة المستعمرين. متوسّلين بسلاح الطائفية تارة وبالنعرات الاقليمية والقومية تارة، وبغيرها أحيانًا ومع كل نداءات المصلحين ودعاة الوحدة، فإن مدية الاعداء هذه لا تزال تُنزل بجسد الأمة الاسلامية مع الأسف ضربات وجراحات.

إثارة الاختلافات بين الشيعة والسنّة. والعرب والعجم، والآسيويين والافارقة، وتضخيم القوميات العربية والطورانية والفارسية – وإن ابتدأت على يد الاجانب – فهي اليوم تستمر مع الأسف على يد أفراد من بيننا، يعبّدون طريق العدو عن سوء فهم أو عن عمالة للأجانب.

هذا الانحراف يبلغ من الفظاعة أحيانا أن تنفق بعض حكومات المسلمين أموالا للتفريق بين المذاهب الإسلامية أو الشعوب والأقوام المسلمة، أو أن يعلن بعض أنصاف العلماء بصراحة فتوى تكفير بعض الفرق الإسلامية ذات الماضي الوضيء في التاريخ الإسلامي. يجدر بالشعوب المسلمة أن تتعرّف على الدوافع الخبيثة لهذه الأعمال، وأن ترى الأيدي التي وراءها.. يد الشيطان الأكبر وأيدي أذنابه، وأن تتصدى لفضح الخائنين».

إن الظروف التي يمرّ بها العالم الإسلامي اليوم تتطلب اهتمام أصحاب الكلمة المسموعة والمقروءة والمرئية بأجمعهم بهذه الدعوة الاحيائية، فالعدوّ قد استغلّ ضعف الأمة في هاتين الكلمتين فعاث في الأرض فسادًا، وقتل ودمّر وارتكب في غزّة مجازر قلّ أن شهد لها التاريخ مثيلاً.

ولا سبيل للأمة غير الالتزام بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة كي تواجه هذا الشرّ المتفاقم ولكي تساند الصابرين الصامدين المجاهدين في طوفان الأقصى، والله ولي التوفيق.

 

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية