آية الله الاراكي في مسجد امير المؤمنين بمدينة قم : في غيبة امام العصر (عج) الولي الفقيه هو الحاكم
في كلمة لسماحته بجمع من المصلين بمسجد امير المؤمنين بمدينة قم المقدسة ، بمناسبة " عشرة الفجر " ذكرى انتصار الثورة الاسلامية ، قال آية الله الشيخ محسن الاراكي : لم تكن الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (قدس سرّه) ، بالحدث الطارىء المعزول عن حركة التاريخ . أن التاريخ يزخر بالحركات و الانتفاضات المناهضة للطواغيت ، و ان هذا التوجه كان قائماً و متواصلاً على مرّ التاريخ .وفي البداية كانت المواجهة مع الطاغوت بقيادة الانبياء ، و من ثم بقيادة الائمة الاطهار (ع) ، و بعد غيبة امام العصر (عج) تواصلت المسيرة على أيدي العلماء الابرار الاخيار .
و أشار سماحته الى أن القرآن الكريم يتحدث عن صفات المؤمن و معالم النهج الايماني ، لافتاً الى الآية الشريفة : «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ، موضحاً : أن هذه الآية تمثل في الحقيقة تفسيراً للدين ، و تذكر بأننا بيّنا للناس الدين .
و أضاف آية الله الاراكي : نستنتج من ذلك بأن الثورة الاسلامية هي في الحقيقة تجسيد للمفاهيم القرآنية التي تحدثت عنها هذه الآية .
و لفت سماحته الى تعريف الدين من منظار القرآن الكريم قائلاً : الدين في القرآن الكريم هو قانون المَلِك نفسه ، القانون الذي تدار بناء عليه حياة الناس . و الدين الاسلامي يعني مجموعة الانظمة التي تدار في ضوئها حياة الانسان .
و تساءل آية الله الاراكي عن طبيعة القوانين التي تشكل فحوى الدين ؟ فأجاب موضحاً : مجموعة قوانين الدين هي الأوامر الالهية ، أو بعبارة أخرى الدين هو مجموعة التعاليم الالهية التي أمر الله تعالى الالتزام بها .
و ذكر سماحته : من الذي يحق له تشريع القوانين لبني الانسان و يدعو ه للالتزام بها ؟ هل بوسع الانسان تشريع قوانين تعتبر البشرية جمعاء ملزمة بتنفيذها ؟ من الذي يحق له سنّ القوانين للبشرية ؟ . القرآن الكريم يرشدنا الى ذلك موضحاً ، أن من يحق له ذلك هو الله تعالى وحده فقط و فقط . الله وحده هو الذي يأمر و ينهي .
و تابع آية الله الاراكي : يقول الله تعالى في محكم كتابه ، الخالق هو الله ، و لهذا فهو وحده سبحانه الذي يحق له الأمر و النهي و لا يحق لأحد غيره .
و مضى سماحته يقول : و لهذا فأن عمل الانبياء كان يتمحور حول ابلاغ الحكم الالهي الى الناس ، و كذلك العمل على تطبيق هذه الاحكام . و بتعبير آخر، أن الانبياء كانوا مكلفين بإبلاغ حكم الله الى الناس، و من ثم تطبيق احكام الله تعالى بمساعدة الناس .
و لفت آية الله الاراكي الى أن منَ يُطع رسول الله إنما يطيع الله سبحانه ، كما أن اطاعة الائمة الاطهار (عليهم السلام) تعد امتداداً لإطاعة رسول الله (ص) . و قد ورد عن الرسول الاكرم (ص) قوله (ما معناه) ، ما يدعو اليه الائمة إنما هو ما أمرت به ، و ما أمرت به إنما هو أمر الله .
و قال الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية : في زمن غيبة الامام المعصوم الحجة بن الحسن (عجّل الله تعالى فرجه الشريف ) الولي الفقيه هو الحاكم ، وهو الآمر و الناهي في عصر الغيبة .
و أوضح سماحته : ولاية الفقيه تعني حكومة امام الزمان في عصر الغيبة ، و مَن لا يؤمن بولاية الففيه يعني أنه لا يؤمن بإمام الزمان ، و بالتالي فأن معارضة ولاية الفقيه هي بمثابة اقصاء امام الزمان و انزوائه.
و شدد آية الله الاراكي على أن الولي الفقيه في عصر الغيبة إنما هو ممثل امام العصر (عج) و نائبه ، موضحاً : الامام الخميني ثار و نهض من أجل احياء هذا الامر منادياً ، أيها الناس لابد لكم من اطاعة أمر الله و الاقتداء بتوجيهات امام العصر (عج) ، فإن كنتم مسلمين و تؤمنون بالاسلام فلابد من اطاعة أمر الله .
و خلص الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية للقول : أن كل مَن يحكم بغير ما أنزل الله يعد من الطواغيت ، ذلك أن الطاغوت هو من يرى له حق الأمر و النهي ، في وقت لم يأذن له الله تعالى بذلك ، لأن الحكم لله وحده .. الله وحده هو المالك و هو الحاكم ، و قد أذن لنبيه (ص) بذلك ، و الرسول الاكرم (ص) أذن به للائمة الاطهار (ع) ، و هم بدورهم فوضوا الأمر الى ولاية الفقيه ، و لهذا فنحن نعيش اليوم في ظل الحكومة الالهية .