المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية - الشؤون الدولية

حديث التقريب ...من النكسة إلى المقاومة

حديث التقريب ...من النكسة إلى المقاومة

حديث التقريب
من النكسة إلى المقاومة
 
مرّت هذا الاسبوع الذكرى الخامسة والخمسين لنكسة حزيران.. وهي هزيمة عمّت الحياة السياسية والعسكرية والأخطر من ذلك الهزيمة النفسية.
حول أسباب تلك النكسة دارت أقوال كثيرة، ودخل الحديث عنها في الكتب والمقالات، بل في شعر الشعراء أيضا وكان مما قيل:
إذا خسرنا الحرب لا غرابه
لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابه
بالعنتريات التي ما خلقت ذبابة...
ما دخل اليهود من حدودنا
وانما تسرّبوا كالنمل من عيوبنا..
في الحسابات العادية كانت الظروف آنذاك تقضي أن تكون السيطرة الصهيونية على فلسطين أمراً لامردّ له، بل كان الحديث آنذاك يدور حول  اقتراب إسرائيل من تحقيق هدفها في الهيمنة على المنطقة من النيل الى الفرات. لكن الذي حدث لم يكن متوقّعاً لدى المحللين الذين ينظرون إلى حوادث الساحة برؤية مادية.
نعم.. توالت الانهيارات والتراجعات بعد تلك النكسة حتى بلغت أن سقطت أهمّ راية في مواجهة العدوّ الصهيوني، وذلك بذهاب رئيس مصر آنئذ الى تل أبيب وعقد اتفاقية كمب ديفيد.
ولكن لم يكن من باب الصدفة  أبدأ أن لا يمضي طويلاً على اتفاقية الذلّ تلك حتى سطع نور الثورة الإسلامية في إيران ليبدّد الظلام المطبق في المنطقة وليعيد الأمل الى النفوس المهزوزة، وليفتح أمام الشعوب المقهورة أفقاً جديداً يبشّر بغدٍ تستعيد الأمة فيه عزّتها وكرامتها.
وهذا الذي حدث هو تحقيقٌ لسنّة الله في الكون. مكر الماكرين مهما اشتدّ لإذلال الأمة الخاتمة فإنه يواجه يدَ الله سبحانه، لتفتح أمام الشعوب طريقاً جديداً للسعي والمواجهة والجهاد: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
هذا الطريق الجديد الذي انفتح أمام الأمة هو طريق "المقاومة". فدخلت المقاومة في أدبيات الشعوب.. في أشعارها وفي رواياتها وفي قصصها وفي أناشيدها وفي أساليب تربية أبنائها وفي منهج فصائلها المجاهدة.
والمقاومة تعني أن الأمة التي اُريد لها أن تموت قد دبّت فيها الحياة، والتي أريد لها أن تُذلّ قد تصاعدت فيها روح العزّة.
هذا الجوّ العظيم من المقاومة الذي ساد في المنطقة يواجه تحديات كبيرة..أولها الاعلام المعادي لحياة الأمة. هذا الاعلام الضخم المجهّز بالأموال الطائلة وآخر التقنيات الحديثة يسعى الى تثبيط العزائم والى تهويل امكانات العدوّ والاستهانة بالامكانات الذاتية.
وإذا كان الانتصار الاسلامي في إيران يعدّ اكبر منطلق لتبديد أجواء الهزيمة، فان الجمهورية الاسلامية اليوم تواجه أكبر هجوم أعلامي وأمني واقتصادي و.. بهدف عودة الهزيمة النفسية الى شعوب المنطقة.
لقد فتح الله سبحانه في أجواء اليأس المظلمة أمام الامة طريق المقاومة، وظهرت فصائل المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن... فحققت نجاحات و سجلت انتصارات لم تستطع الجيوش العربية آنذاك أن تحققها وهي مجتمعة.
من المفروض أن تكون الحكومات العربية والإسلامية في طليعة من يحتضن  المقاومة لأنها تحميهم من التغول الصهيوني والاميركي. لكن الأمر ليس كذلك مع الأسف في الغالب لاسباب معروفة. يبقى الامل بعد الله سبحانه معقوداً على الشعوب، وخاصة الفئات القادرة على نصرة المقاومين إعلامياً وفنياً وبمختلف سبل الاسناد.
انها  فرصة حياتية لا يضيعها الاّ الخاسرون.. الاّ الذين فقدوا إيمانهم، وتخلّوا عن صالح الأعمال، وعن الثبات على طريق الحقّ والصبر: (والعصر إن الانسان لفي خسر الاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

المجمع العالمي للتقريب يرى في المقاومة سبيلا وحيدا لارتباط أجزاء جسد الامة عضوياً، وبدون ذلك فان الجسد يتفكك ولم يعد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ومن هنا كان من اهتمامات المجمع أن شجّع على إقامة "اتحاد علماء المقاومة" وساهم في نشاطاته، إيمانا منه بأن لاحياة الا بالمقاومة، ولا اتحاد بدون حياة.
 
                                                 المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                                            الشؤون الدولية