حديث التقريب : الحرب الإعلامية أين موقع العالم الإسلامي منها؟

حديث التقريب : الحرب الإعلامية أين موقع العالم الإسلامي منها؟

كان المعوّل على منظمة التعاون الإسلامي أن تقوم بذلك من خلال اجتماعات وزراء إعلام دولها، ولكن الحالة القائمة في حكومات المنظمة حيث الاختراقات و ... في بعضها لا تسمح بذلك حاليًا، ويبقى الأمل في الدول التي تمتلك الإرادة وقدرة اتخاذ القرار وكذلك الأمل في بلدان محور المقاومة أن تتجه بجدٍ وبدون تريّث إلى تحقيق هذا الأمل الذي هو أمل جميع الشعوب المحبّة للعدل والسلام والوئام من المسلمين وغير المسلمين.

بعد ثورة الاتصالات وانفجار المعلومات وانتشار الفضائيات يشهد العالم حربًا إعلامية على جبهات متعددة: الفكرية منها والسياسية والاقتصادية والنفسية و..
الغالب في هذه الحرب الكارتلات الاعلامية التي اتحدت نحو هدف صناعة الرأي العام العالمي في اتجاه تحقيق مصالح الهيمنة وإشباع الجشع الرأسمالي.
وسط هذه الكارتلات الضخمة تقف شعوب العالم الإسلامي متحيرة بين ما تؤمن به من مُثل وقِيم، وبين ما تشاهده وتسمعه من إعلام لا يوافق تلك المُثل والقيم، لكنه يقرع أسماعها، ويستثير مشاعرها صباح مساء.
تودّ هذه الشعوب أن يكون لها صوت وسط هذا الضجيج، ولكن أنى لها ذلك وقد غطّت تلك الكارتلات الإعلامية على غيرها من الأصوات، وشوّهت الحقائق حتى عاد من الصعب كشف الحقيقة ومعرفة الواقع.
المستهدف الأول في هذا التشويه والضجيج والتعتيم البلدان والشعوب التي تريد أن يكون لها نوع من الاستقلال عن معسكر الهيمنة الأمبريالية. والعالم الإسلامي هو الغرض الأول الذي تتوجه إليه سهام هذا المعسكر.

مستهدف لأن له تاريخًا طويلاً في مواجهة الطغاة والمستبدين والمحتلين.. مستهدف لأن دينه يقول له:
 ﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.مستهدف لأنه يحاول أن لا يستسلم لظلم الظالمين وطيغان المتجبرين.. مستهدف لأنه في مواضع عديدة أذلّ المستعمرين من طليان وفرنسيين وبريطانيين وأمريكان، ولم يسمح لهم أن يكون لهم موضع قدم في بلدان المسلمين.. مستهدف لأنه لا يقرّ للمحتلين الصهاينة أن يعبثوا بمقدرات المسلمين في فلسطين وغيرها من بلدان المسلمين، وأن يشردوا أبناء فلسطين من أرضهم وينزلوا بهم يوميًا ألوان العذاب.
وما دام الصراع قائمًا بين الشعوب الحيّة ومذلّيها ومنتهكي كرامتها والعابثين بمقدساتها فإن إعلام المستكبرين سيوجّه سمومه ليل نهار للنيل من هذه الشعوب ولتشويه صورتها أمام الرأي العام العالمي.
يبقى على العالم الإسلامي الذي يواجه ضجيج المستكبرين في إعلامهم، أن يحاول تجميع طاقاته الإعلامية المبعثرة
ليكوّن جبهة واحدة تجاه ما يواجهه من إعلام مضاد.
كان المعوّل على منظمة التعاون الإسلامي أن تقوم بذلك من خلال اجتماعات وزراء إعلام دولها، ولكن الحالة القائمة في حكومات المنظمة حيث الاختراقات والهزائم والضعف النفسي وفقدان الإرادة في بعضها لا تسمح بذلك حاليًا، ويبقى الأمل في الدول التي تمتلك الإرادة وقدرة اتخاذ القرار وكذلك الأمل في بلدان محور المقاومة أن تتجه بجدٍ وبدون تريّث إلى تحقيق هذا الأمل الذي هو أمل جميع الشعوب المحبّة للعدل والسلام والوئام من المسلمين وغير المسلمين.

إن الإعلام المعادي يحاول أن يستغل أية منصة ليوجه سهامه الغادرة، ولا يترك فرصة دون أن يستغلها، ويحاول الأن أن يستغل إقامة المونديال في قطر لتنفيذ مآربه في فسح المجال ليتمدد العدوّ الصهيوني أكثر في المنطقة وفي إثارة ضجيج اعلامي تجاه دول المقاومة والشعوب الحرّة المناضلة وخاصة الشعب الفلسطيني والشعب الإيراني.

إننا إذ نبارك لقطر حكومة وشعبًا مسبقًا نجاحها الباهر المتميز في إقامة أول مونديال في العالم العربي ونبارك لها ونشكرها إذ وقفت بوجه مخطط أراد أن يستغل هذه التظاهرة الرياضية العالمية ليواصل عملياته الإعلامية المعادية ضد مصالح الشعوب الإسلامية، نطلب منها أن تفسح المجال لإيصال صوت الشعب الفلسطيني المظلوم المضطهد إلى أسماع العالم، فهذا ليس باب تسييس المونديال، بل من باب فتح نافذة للمظلومين كي يطلّوا منها على شعوب العالم بعد أن حجبهم الضجيج الإعلامي المعادي.
إقامة أول مونديال في العالم العربي والإسلامي يجب أن يكون له الطابع المميز في نصرة القضايا العربية دون الإخلال طبعًا بالجوّ الرياضي في الملاعب.
هذا نموذج من الفرص التي يجب استثمارها لخدمة قضايا الأمة اعلاميًا، والفرص متاحة الآن أمام الإعلام الحرّ للدفاع عن هجوم إعلامي شرس تواجهه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كل ذنبها أنها وقفت مناصرة للقضايا العربية الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني.

المؤلم في المشهد الإعلامي اليوم تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن شبكات مموّلة بأموال النفط العربي الإسلامي تحولت إلى غرفة عمليات حربية تفوق بمرات في حدة سيفها شبكات الصهاينة والقوى المتفرعنة. ولعلها فرصة لكي تنكشف الأقنعة و﴿لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ﴾.
 
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية