المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حديث التقريب : موقف الإمام الخميني (رض) من حالة الذل في المجتمع

حديث التقريب : موقف الإمام الخميني (رض) من حالة الذل في المجتمع

حديث التقريب : نحن نعيش هذه الأيام ذكريات مسيرة مابعد اﻻنتصار ويجدر بنا أن نقف ولو قليلا عند الأساليب التي اتبعها الإمام الراحل في مشروعه اﻻحيائي.

حديث التقريب
موقف الإمام الخميني (رض)
من حالة الذل في المجتمع
 
أهمّ المحاور التي عمل الإمام الخميني (رض) عليها من أجل إحياء المجتمع الإيراني هو محاربة حالة الشعور بالذل. وغرس روح العزّة لدى جماهير الأمة.
وبهذا استطاع أن يضخّ في شرايين الشعب دمًا جديدًا أنتج الثورة اﻻسلامية ودكّ قواعد اﻻستكبار في هذا البلد، وأقام الجمهورية اﻻسلامية، ودفع بالمسيرة لأن تحقق أهدافها في العزّة والكرامة، وﻻ تزال بإذن الله متواصلة على الساحة الداخلية والعالمية بقيادة العبد الصالح الإمام الخامنئي.
نحن نعيش هذه الأيام ذكريات مسيرة مابعد اﻻنتصار ويجدر بنا أن نقف ولو قليلا عند الأساليب التي اتبعها الإمام الراحل في مشروعه اﻻحيائي.
 
سلك الإمام الخميني(رض) ثلاثة أساليب لمواجهة حالة الذلّ في مجتمعه.

الأول: خلق روح العزّة في المجتمع، وذلك عبر المحاور التالية:
1 – التأكيد على قدرة الله سبحانه وتعالى، وأن كلّ شيء بيده، وأنه القادر على ما يريد، وأنه سبحانه ينصر حتمًا من ينصره، وأن كلّ انتصار إنما هو بفضله ومنّه. هذه التأكيدات موجودة في القرآن الكريم أيضًا، لكن الإمام كان يركّز عليها تركيزًا مقرونًا بما يحدث في ساحة المواجهة والصراع والصمود والهدم والبناء، فيغرس هذه المفاهيم في النفوس، ليشعر الأفراد بعزّة وكرامة ورفعة وهم يتعاملون مع الله سبحانه في تحركهم الاجتماعي.
2-التركيز على قدرة الإسلام في دحر الطواغيت، وبناء الدولة العصرية، وإنقاذ البشرية من مستنقعها، وعلى أنه البديل الوحيد لما تعاني منه البشرية من ضياع وتيه وتخبّط في المادية. فلقد كان (قدس سره) ينصح المفكّرين والزعماء في العالم الإسلامي وغير الإسلامي بالعودة إلى الإسلام ليجدوا فيه عزتهم وسعادتهم وسؤددهم، وبذلك يغرس في نفوس كلّ المسلمين روح الاعتزاز بعقيدتهم والشعور بالكرامة في ظل دينهم.
3-الحديث المستمر عن إيمان حقيقي، حول قدرة الشعب في خلق المعجزات، لأن الأمّة المتحركة على طريق الله تتجلّى في حركتها قدرة الله وعظمته وانتقامه من الجبارين، فهو قادر على أن يواجه أعتى الطواغيت وإن افتقد العدة والعتاد، وقادر على أن يواجه كلّ جبهات الكفر على سعتها، وقادر على أن يبني ويعمر رغم كلّ الضغوط والمحاصرات.
4-منحه الشعب ثقة تامة، ولقد كانت الثقة المتبادلة بين الإمام الراحل وأمّته، من أهمّ بواعث شعور الشعب الإيراني بالاعتزاز والكرامة في حركته بقيادة الإمام‘ فهو قدس الله روحه يرى في الشعب وفاء وصدقًا وإخلاصًا لم يبلغه صحابة رسول الله(ص) ولا صحابة علي(ع)، ويكبر هذا الشعب ويتواضع أمامه وأمام تضحياته وصموده تواضعًا غريبًا.
5-تأكيده المستمر على الدور الذي يجب أن يضطلع به الشعب الإيراني على الساحة العالمية، بحمله مشعل الإسلام إلى الضالّين، ودفاعه عن المستضعفين، وإعطاء القدوة والمثل الأعلى للآخرين، وهذا الدور الذي يريده الإمام للأمّة في إيران يجعلها تستشعر دورها الرائد على ظهر الأرض.
6-تخطيط الإمام لإعادة الحياة والروح إلى العبادات الإسلامية، فقد رسم للحج ولصلاة الجمعة وللمساجد تصويرًا جديدًا يعيد إليها الحياة لتكون كما كانت في عصر الرسالة الأول، مبعث عز للمسلمين، ومظهر قوّة وصمود وتكاتف لهم أمام الأعداء المتربّصين.
7-حديث الإمام المستمر عن منجزات الثورة الإسلامية في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية، وتذكير الناس بما كانت عليه الأوضاع قبل الثورة لتعميق روح الاعتزاز بالثورة الإسلامية وبالإنجاز العظيم الذي حدث على يد الشعب.
8-غرس مفهوم الشهادة في النفوس، وخلق روح طلب الشهادة في الأفراد، بتبيين منزلة الشهيد وعظمة الجهاد في سبيل الله، وما يستتبع تصاعد روح الجهاد من عزة وكرامة للمجتمع.
9-تركيز الإمام الراحل على دور المرأة في المجتمع ودورها في الثورة، وعظمة المسؤوليات التي تنهض بها في البيت والمجتمع، كلّ ذلك لخلق روح العزّة في نفس المرأة، لتغرسها بدورها في نفوس أبنائها وأفراد أسرتها.
10-تأكيده المستمر على قدرة الإيرانيين والعرب والشرقيين والأمّة المسلمة عامّة على الاختراع والابتكار، ومواكبة ركب المدنية المعاصرة على شرط الإيمان بقدراتهم وكفاءاتهم.
11-ربط الأمّة بتاريخها الثوري القديم والمعاصر، وخاصة ربطها بثورة سيد الشهداء الحسين بن علي(ع)، والتركيز على روح العزّة والإباء في هذه الثورة ، ودعوة الأمّة للتفاعل مع كلّ مواقف الإباء والصمود فيها.
12-التأكيد على الطبقة الفقيرة المستضعفة، وعلى ضرورة تجنيد كلّ الطاقات للأخذ بيدها، وأنها أشرف من أصحاب القصور، وأنها هي التي حملت العبء الجسيم في الثورة والدفاع عنها، كلّ ذلك لبعث روح العزّة في هذه الفئة التي طالما استذلّها نظام الطاغوت.
 
الثاني: اقتلاع روح الهزيمة والذلّ من النفوس بالأساليب التالية:
1-الاستهانة بالحضارة المادية المعاصرة، وبيان زيفها وخوائها، وتخبطها، وقرب سقوطها، والطريق المسدود الذي وصلت إليه، ونصيحة المهزومين من المسلمين بفتح أعينهم على واقع الحضارة، وعدم الانبهار بظاهرها.
2-الاستخفاف بطواغيت الأرض، والسخرية منهم، وتهديدهم، وتحدّيهم، والتعامل معهم وكأنهم نمور من ورق، وأطفال جامحون يستحقّون النصح والتحذير والتأديب.
3-حثّ الشعوب على كسر حاجز الخوف الذي اصطنعته الحكومات الظالمة، والتعامل مع هذه الحكومات كما تعامل الشعب الإيراني مع الطاغوت المسيطر عليه، والتأكيد أن هذا العصر هو عصر الشعوب وتحقيق إرادتها وكسر قيودها.
4-تركيز روح العزّة في كلّ اللحظات العصيبة التي يخشى فيها تزلزل النفوس، مثل الهزيمة العسكرية أو الضغوط الاقتصادية أو اغتيال كبار الشخصيات القيادية، واستثمار هذه الحوادث لرفع المعنويات وتصعيد روح المقاومة والصمود.

الثالث: إعطاء القدوة من نفسه
وهذه القدوة قدّمها الإمام في مواقفه التالية:
1 – المواصلة المستمرة دون هوادة في المقاومة والصمود دون أن يتراجع قيد أنملة عن مواقفه المبدئية.، ودون أن يداهن أو يهادن لحظة واحدة، وهذه المواصلة صّعدت روح الثورة في النفوس، واقتلعت روح طلب العافية والاسترخاء وما يستتبعها من ذل.
2-تحمّل السجن والتعذيب والإرهاب والنفي بطيب خاطر وبرحابة صدر، متغلبًا بذلك على كلّ سبل الهزيمة النفسية وإذلال الشخصية.
3-تحمّل المصائب الشخصية كفقدان الولد بروح مطمئنة صابرة مستسلمة لقضاء الله، ولا يخفى ما لهذا الموقف من تأثير في تثبيت النفوس المتزلزلة والأرواح الضعيفة.
4-ضرب المثل الأعلى في الزهد والابتعاد عن مظاهر الحياة وبهارجها وزينتها، بما يرسّخ روح الثقة والترفّع والسمو النفسي في القاعدة التي يقودها.
 
 
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية