وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والتاء حرف قسم وهي عوض عن الواو القسم . قال في الكشاف في سورة الأنبياء : التاء فيها زيادة معنى وهو التعجب . وسلمه في مغنى اللبيب وفسره الطيبي بان المقسم عليه بالتاء يكون نادر الوقوع لأن الشيء المتعجب منه لا يكثر وقوعه ومن ثم قل استعمال التاء إلا مع اسم الجلالة لأن القسم باسم الجلالة أقوى القسم .
وجواب القسم هو ( تفتأ تذكر يوسف ) باعتبار ما بعده من الغاية لأن المقصود من هذا اليمين الإشفاق عليه بأنه صائر إلى الهلاك بسبب عدم تناسيه مصيبة يوسف " عليه السلام " وليس المقصود تحقيق أنه لا ينقطع عن تذكر يوسف . وجواب القسم هنا فيه حرف النفي مقدر بقرينة عدم قرنه بنون التوكيد لأنه لو كان مثبتا لوجب قرنه بنون التوكيد فحذف حرف النفي هنا .
ومعنى ( تفتأ ) تفتر . يقال : فتئ من باب علم . إذا فتر عن الشيء . والمعنى : لا تفتر في حال كونك تذكر يوسف . ولملازمة النفي لهذا الفعل ولزوم حال يعقب فاعله صار شبيها بالأفعال الناقصة .
و ( حرضا ) مصدر هو شدة المرض المشفي على الهلاك وهو وصف بالمصدر أي حتى تكون حرضا أي باليا لا شعور لك . ومقصودهم الإنكار عليه صدا له عن مداومة ذكر يوسف " عليه السلام " على لسانه لأن ذكره باللسان يفضي إلى دوام حضوره في ذهنه .
وفي جعلهم الغاية الحرض أو الهلاك تعريض بأنه يذكر أمرا لا طمع في تداركه فأجابهم بان ذكره يوسف " عليه السلام " موجه إلى الله دعاء بان يرده عليه . فقوله ( يا أسفا على يوسف ) تعريض بدعاء الله أن يزيل أسفه برد يوسف " عليه السلام " إليه لأنه كان يعلم أن يوسف لم يهلك ولكنه بأرض غربة مجهولة وعلم ذلك بوحي أو بفراسة صادقة وهي المسماة بالإلهام عند الصوفية .
فجملة ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) مفيدة قصر شكواه على التعلق باسم الله أي يشكو إلى الله لا إلى نفسه ليجدد الحزن فصارت الشكوى بهذا القصد ضراعة وهي عبادة لأن الدعاء عبادة . وصار ابيضاض عينيه الناشئ عن التذكر الناشئ عن الشكوى أثرا جسديا ناشئا عن عبادة مثل تفطر أقدام النبي A من قيام الليل .
والبث : الهم الشديد وهو التفكير في الشيء المسيء . والحزن : الأسف على فائت . فبين الهم والحزن العموم والخصوص الوجهي وقد اجتمعا ليعقوب " عليه السلام " لأنه كان مهتما بالتفكير في مصير يوسف " عليه السلام " وما يعترضه من الكرب في غربته وكان آسفا على فراقه .
وقد أعقب كلامه بقوله ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) لينبههم إلى قصور عقولهم عن إدراك المقاصد العالية ليعلموا أنهم دون مرتبة أن يعلموه أو يلوموه أي أنا أعلم من عند الله علمنيه لا تعلمونه وهو علم النبوة . وقد تقدم نظير هذه الجملة في قصة نوح " عليه السلام " من سورة الأعراف فهي من كلام النبوة الأولى . وحكى مثلها عن شعيب " عليه السلام " في سورة الشعراء .
A E وفي هذا تعريض برد تعريضهم بأنه يطمع في المحال بان ما يحسبونه محالا سيقع .
ثم صرح لهم بشيء مما يعلمه وكاشفهم بما يحقق كذبهم ادعاء ائتكال الذئب يوسف " عليه السلام " حين أذنه الله بذلك عند تقدير انتهاء البلوى فقال ( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ) .
فجملة ( يا بني اذهبوا ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن في قوله ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ما يثير في أنفسهم ترقب مكاشفته على كذبهم فإن صاحب الكيد كثير الظنون ( يحسبون كل صيحة عليهم ) .
والتحسس " بالحاء المهملة " : شدة التطلب والتعرف وهو أعم من التجسس " بالجيم " فهو التطلب مع اختفاء وتستر .
والروح " بفتح الراء " : النفس " بفتح الفاء " استعير لكشف الكرب لأن الكرب والهم يطلق عليهما الغم وضيق النفس وضيق الصدر بكذلك يطلق التنفس والتروح على ضد ذلك ومنه استعارة قولهم : تنفس الصبح إذا زالت ظلمة الليل .
وفي خطابهم بوصف البنوة منه ترقيق لهم وتلطف ليكون أبعث على الامتثال