وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله هنا كقوله لهم حين زعموا أن يوسف " عليه السلام " أكله الذئب فهو تهمة لهم بالتغرير بأخيهم . قال ابن عطية " ظن بهم سوءا فصدق ظنه في زعمهم في يوسف " عليه السلام " ولم يتحقق ما ظنه في أمر بنيامين أي أخطأ في ظنه بهم في قضية " بنيامين " ومستنده في هذا الظن علمه أن ابنه لا يسرق فعلم أن في دعوى السرقة مكيدة . فظنه صادق على الجملة لا على التفصيل . وأما تهمته أبناءه بأن يكونوا تمالؤوا على أخيهم بنيامين فهو ظن مستند إلى القياس على ما سبق من أمرهم في قضية يوسف " عليه السلام " فإنه كان قال لهم ( هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ) . ويجوز على النبي الخطأ في الظن في أمور العادات كما جاء في حديث ترك إبار النخل .
ولعله أتهم روبين أن يكون قد اختفى لترويج دعوى إخوته . وضمير ( بهم ) ليوسف " عليه السلام " وبنيامين وروبين . وهذا كشف منه إذ لم ييأس من حياة يوسف " عليه السلام " .
وجملة ( إنه هو العليم الحكيم ) تعليل لرجائه من الله بأن الله عليم فلا تخفى عليه مواقعهم المتفرقة . حكيم فهو قادر على إيجاد أسباب جمعهم بعد التفرق .
( وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم [ 84 ] قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين [ 85 ] قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون [ 86 ] يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون [ 87 ] ) انتقال إلى حكاية حال يعقوب " عليه السلام " في انفراده عن أبنائه ومناجاته نفسه فالتولي حاصل عقب المحاورة . و ( تولى ) : انصرف وهو انصراف غضب .
ولما كان التولي يقتضي الاختلاء بنفسه ذكر من أحواله تجدد أسفه على يوسف " عليه السلام " فقال ( يا أسفى على يوسف ) . والأسف : أشد الحزن أسف كحزن .
ونداء الأسف مجاز . نزل الأسف منزلة من يعقل فيقول له : احضر فهذا أوان حضورك وأضاف الأسف إلى ضمير نفسه لأن هذا الأسف جزئي مختص به من بين جزئيات جنس الأسف .
والألف عوض عن ياء المتكلم فإنها في النداء تبدل ألفا .
وإنما ذكر القرآن تحسره على يوسف " عليه السلام " ولم يذكر تحسره على ابنيه الآخرين لأن ذلك التحسر هو الذي يتعلق بهذه القصة فلا يقتضي ذكره أن يعقوب " عليه السلام " لم يتحسر قط إلا على يوسف مع أن الواو لا تفيد ترتيب الجمل المعطوفة بها .
A E وكذلك عطف جملة ( وابيضت عيناه من الحزن ) إذ لم يكن ابيضاض عينيه إلا في مدة طويلة . فكل من التولي والتحسر وابيضاض العينين من أحواله إلا أنها مختلفة الأزمان .
وابيضاض العينين : ضعف البصر . وظاهرة أنه تبدل لون سوادهما من الهزال . ولذلك عبر ب ( ابيضت عيناه ) دون عميت عيناه .
و ( من ) في قوله ( من الحزن ) سببية . والحزن سبب البكاء الكثير الذي هو سبب ابيضاض العينين . وعندي أن ابيضاض العينين كناية عن عدم الإبصار كما قال الحارث بن حلزة .
" قبل ما اليوم بيضت بعيون الناس فيها تغيض وإباء وأن الحزن هو السبب لعدم الإبصار كما هو الظاهر فإن توالي إحساس الحزن على الدماغ قد أفضى إلى تعطيل عمل عصب الإبصار ؛ على أن البكاء من الحزن أمر جبلي فلا يستغرب صدوره من نبي أو أن التصبر عند المصائب لم يكن من سنة الشريعة الإسرائيلية بل كان من سننهم إظهار الحزن والجزع عند المصائب . وقد حكت التوراة بكاء بني إسرائيل على موسى " عليه السلام " أربعين يوما وحكت تمزيق بعض الأنبياء ثيابهم من الجزع . وإنما التصبر في المصيبة كمال بلغت إليه الشريعة الإسلامية .
والكظيم : مبالغة للكاظم . والكظم : الإمساك النفساني أي كاظم للحزن لا يظهره بين الناس ويبكي في خلوته أو هو فعيل بمعنى مفعول أي محزون كقوله ( وهو مكظوم ) .
وجملة ( قالوا تالله ) محاورة بنيه إياه عندما سمعوا قوله ( يا أسفا على يوسف ) وقد قالها في خلوته فسمعوها