نص وثيقة مكة لتحريم الدم العراقي
وقع علماء سنة وشيعة من العراق مساء امس الجمعة في مدينة مكة المكرمة" وثيقة مكة" لتحريم الدم العراق وايقاف القتل الطائفي برعاية منظمة المؤتمر الاسلامي وبحضور عدد كبير ون رجال الدين.وفيما يلي نص الوثيقة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
بناء على ما آلت إليه الأوضاع في العراق وما يجري فيه يومياً من اهدار للدماء وعدوان على الأموال والممتلكات تحت دعاوى تتلبس برداء الإسلام والإسلام منها براء وتلبية لدعوة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وتحت مظلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع للمنظمة..
نحن علماء العراق من السنّة والشيعة اجتمعنا في مكة المكرمة في رمضان من عام 1427هـ وتداولنا في الشأن العراقي وما يمر به أهله من محن ويعانونه من كوارث وأصدرنا الوثيقة الآتي نصها:
أولاً: المسلم هو من شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهو بهذه الشهادة يعصم دمه وماله وعرضه إلا بحقها وحسابه على الله. ويدخل في ذلك السنّة والشيعة جميعاً، والقواسم المشتركة بين المذهبين أضعاف مواضع الاختلاف وأسبابه، والاختلاف بين المذهبين - أينما وجد - هو اختلاف نظر وتأويل وليس اختلافاً في أصول الايمان ولا في اركان الإسلام ولا يجوز شرعاً لأحد من المذهبين أن يكفّر أحداً من المذهب الآخر لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) ولا يجوز شرعاً إدانة مذهب بسبب جرائم بعض اتباعه.
ثانياً: دماء المسلمين وأموالهم واعراضهم عليهم حرام قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه). وعليه فلا يجوز التعرض لمسلم شيعي أو سنّي بالقتل أو الايذاء، أو الترويع أو العدوان على ماله أو التحريض على شيء من ذلك أو اجباره على ترك بلده أو محل اقامته أو اختطافه أو اخذ رهائن من أهله بسبب عقيدته أو مذهبه ومن يفعل ذلك برئت منه ذمة المسلمين كافة مراجعهم وعلماؤهم وعامتهم.
ثالثاً: لدور العبادة حرمة وهي تشمل المساجد والحسينيات وأماكن عبادة غير المسلمين، فلا يجوز الاعتداء عليها أو مصادرتها او اتخاذها ملاذاً للأعمال المخالفة للشرع ويجب أن تبقى هذه الأماكن في أيدي أصحابها وأن يعاد إليهم ما اغتصب منها وذلك كله عملاً بالقاعدة الفقهية المسلمة عند المذاهب كافة ان (الأوقاف على ما اشترطه أصحابها) وأن (شرط الواقف كنص الشارع) وقاعدة أن (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً).
رابعاً: ان الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه وحرّمه في قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ.}وليس اعتناق مذهب أياً ما كان مسوّغاً للقتل أو العدوان ولو ارتكب بعض اتباعه ما يوجب عقابه إذ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
خامساً: يجب الابتعاد عن اثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية واللغوية، كما يجب الامتناع عن التنابز بالألقاب واطلاق الصفات المسيئة من كل طرف على غيره، فقد وصف القرآن الكريم مثل هذه التصرفات بأنها فسوق قال تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
سادساً: ومما يجب التمسك به وعدم التفريط فيه الوحدة والتلاحم والتعاون على البر والتقوى وذلك يقتضي مواجهة كل محاولة لتمزيقها قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقال: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}ومن مقتضى ذلك وجوب احتراز المسلمين جميعاً من محاولات افساد ذات بينهم وشق صفوفهم واحداث الفتن المفسدة لنفوس بعضهم على البعض الآخر.
سابعاً: المسلمون من السنّة والشيعة عون للمظلوم ويد على الظالم يعملون بقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}ومن أجل ذلك يجب العمل على انهاء المظالم وفي مقدمتها اطلاق سراح المختطفين الأبرياء والرهائن من المسلمين وغير المسلمين وارجاع المهجرين إلى أماكنهم الأصلية.
ثامناً: يذكّر العلماء الحكومة العراقية بواجبها في بسط الأمن وحماية الشعب العراقي وتوفير سبل الحياة الكريمة له بجميع فئاته وطوائفه واقامة العدل بين أبنائه ومن أهم وسائل ذلك اطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وتقديم من تقوم بحقه أدلة جنائية إلى محاكمة عاجلة عادلة وتنفيذ حكمها والإعمال الدقيق لمبدأ المساواة بين المواطنين.
تاسعاً: يؤيد العلماء من السنّة والشيعة جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في العراق عملاً بقوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}وبقوله: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}
عاشراً: المسلمون السنّة والشيعة يقفون بهذا صفاً واحداً للمحافظة على استقلال العراق ووحدته وسلامة أراضيه وتحقيق الإرادة الحرة لشعبه ويساهمون في بناء قدراتهم العسكرية والاقتصادية والسياسية