على هامش المؤتمر الصحفي لآية الله الاراكي المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتق " الازهر "
التصريحات التي صدرت مؤخراً عن آية الله الاراكي الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، خلال مؤتمره الصحافي الاخير ، حول المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتق جامعة الازهر بمصر ، تعبر في الحقيقة عما يدور في نفوس الملايين من المسلمين ، و يجسد طموحات الآلاف من المفكرين المخلصين، الذين يتطلعون الى توسيع نطاق الجهود الرامية لترسيخ اسس الوحدة في العالم الاسلامي ، و تربوا عيونهم الى مؤسسات دينية كالازهر ، للتحرك بشكل جاد و مؤثر من أجل انقاذ المجتمعات الاسلامية من ورطة التفرقة و تداعياتها المؤلمة .. الازهر الذي كان يمثل حتى وقت قريب احد المراكز الرئيسية الداعية للوحدة بين المذاهب و الفرق الاسلامية ، كان لفعالياته و نشاطاته دوراً فاعلاً و مؤثراً في هذا المجال ، و الحيلولة دون تنفيذ المخططات الاستعمارية المثيرة للخلاف و الفرقة .
و مما ذكره آية الله الاراكي في مؤتمره الصحافي قوله : أننا نتوقع من شيخ الازهر ان ينهج الطريق الذي كان ينهجه كبار شخصيات الازهر امثال الشيخ شلتوت .. ينبغي للازهر بذل ما في وسعه لارساء الوحدة في العالم الاسلامي ، و إذا كانت ثمة عقبة في هذا المجال فلابد من العمل على تذليلها . و اضاف سماحته : أننا نحترم الازهر و رموزه و شخصياته ، غير ان بعض فعاليات هذا المركز تحوم حولها شبهة مواكبتها لمشاريع و مخططات آل سعود .
أدلى آية الله الاراكي بهذه التصريحات خلال مؤتمره الصحافي، لدى حديثه عن الدور المخرب الذي تقوم به السعودية في تأجيج الخلافات و الفرقة في العالم الاسلامي ، و لفت الانظار الى الجرائم و المجازر التي يرتكبها المسؤولون بالرياض عن طريق دعمهم و مساندتهم للمجموعات الارهابية في العراق و سوريا و افغانستان و باكستان . و في هذا الصدد اشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الى نوع آخر من تحركات آل سعود المثيرة للخلافات و التفرقة ، قائلاً : من المؤسف أن الامر وصل حداً أن السعودية تستعين بالازهر - المؤسسة الاسلامية - لتحقيق اهدافها ، و محاولة إحتواء رجال هذا الصرح الاسلامي في مصر لمواكبة توجهاتها . و أوضح آية الله الاراكي : أننا نتوقع من الازهر أن يضطلع بدور بشكل مستقلة ، و أن لا يقتفي أثر سياسات الحكومة السعودية ، لانه لا يليق بهذه المؤسسة الدينية أن تكون تابعة و منقاده للمواقف السعودية .
و لايخفى أن ما ذهب اليه آية الله الاراكي ، هو ذات الموضوع الذي يطالب به و يؤكد عليه الكثير من المفكرين المصريين ، و الذين يرون من خلال كتاباتهم و تصريحاتهم ، بأن اي نوع من أنواع تبعية الازهر المالية و السياسية للحكومة السعودية ، إنما هي بمثابة مقدمة لمواكبة توجهات هذا النظام و تبعية عمياء لسياساته المضرة و الهدامة . و من هذا المنطلق يرى الكثير من المفكرين المصريين أن امتناع مسؤولي الازهر من الحضور و المشاركة في المؤتمرات و الملتقيات التي تقام في العالم الاسلامي و تدعو للوحدة الاسلامية ، بوسعه ان يجسد بوضوح مثل هذه التبعية .
على الرغم من أن ثمة موانع وعقبات تعترض الازهر للقيام بمهامه و الاضطلاع بمسؤولياته ، و لكن من الواضح ان مثل هذه الموانع و العقبات ينبغي ان لا تدفع هذه المؤسسة المرموقة لمواكبة مواقف و سياسات النظام السعودي المغرضة و المثيرة للخلافات و التفرقة . لذا فان المتوقع من المسؤولين في الازهر مراعاة الاعتدال ، الذي من الطبيعي أن يرفض التيار التكفيري و لا ينسجم معه ، و تجسيده عملياً ، و عدم الاستجابة و الانصياع للضغوط التي يمارسها حماة هذا التيار الذي يدعو للعنف ، و الامتناع عن الحضور المشاركة في مؤتمرات الوحدة الاسلامية التي تقام في العالم الاسلامي .
و يوضح آية الله الاراكي : أن ما نتوقعه من الازهر هو أن يواصل نهجه السابق الذي يتسم بالاعتدال و الموضوعية . و مما يؤسف له أن الازهر كان متأثراً الى حد كبير بسياسات النظام السعودي خلال الاعوام الثلاثة الماضية ، و أن كل نداءاتنا و دعواتنا له بقيت دون رد . فقد قمنا بارسال رسائل ، و بعثنا بشخصيات ، و وجّهنا دعوات لهم ، و قلنا لهم إما ان تأتوا ، أو نأتي نحن . و طلبنا من الازهر أن يضطلع بدور فاعل و مؤثر في مجال التقريب بالنحو الذي يراه و يرتأيه ، و نقوم نحن بدعمه و مساندته . بل قلنا للازهر احمل انت لواء التقريب و نحن من ورائك .
و لكن و رغم كل هذه الدعوات الاخوية و الودية ، بقي كرسي المسؤولين عن الازهر خالياً في المؤتمر الدولي التاسع و العشرين للوحدة الاسلامية الذي عقد مؤخراً في طهران .. ان ما يطمح اليه العالم الاسلامي ليس أن يحول المسؤولون في الازهر دون تنفيذ مخططات القوى الاستعمارية و الانظمة التابعة في المنطقة فحسب ، و إنما الاضطلاع بدور القدوة في ارساء الوحدة المستلهمة من تعاليم القرآن و المفاهيم الاسلامية في عالم اليوم . وكما قال الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسسلامية : ينبغي للأزهر ان يكون أسمى من كل ذلك . . يجب ان لا يتأثرالازهر بمواقف النظام السعودي ، أو سياسات الدول الأخرى . . الأزهر مؤسسة مستقلة ، مؤسسة مرموقة و مقدسة . و مثلما كانت في الماضي فاعلة و سبّاقة في مجال التقريب ، المتوقع أن تكون فاعلة و رائدة في مجال التقريب اليوم ايضاً .