آية الله الاراكي : الحوزة العلمية قلب المجتمع الاسلامي النابض

آية الله الاراكي : الحوزة العلمية قلب المجتمع الاسلامي النابض
آية الله الاراكي : الحوزة العلمية قلب المجتمع الاسلامي النابض

اعتبر الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، الفقه الذي يدرّس في الحوزات إنما هو عبارة عن الاطروحة العدلية التي جاء بها الرسول الاكرم (ص) للمجتمع الانساني ، و أن الحوزة العلمية تتابع العمل بهذه الاطروحة و تحرص على التمسك بها حتى النهاية . و نظراً لأن الحوزة تعد منطلقاً للفقهاء العدول ، لذا تعتبر القلب النابض و المركز الفكري و العملي للمجتمع الاسلامي ، مما ينبغي للمجتمع الاقتداء بها .

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها آية الله الاراكي ، في ملتقى " الحوزة العلمية الثورية ، المخاوف و الآمال " ،الذي عقد في مدرسة دار الشفاء بمدينة قم المقدسة ، الاثنين ، مشيراً الى أن القرآن الكريم  يصنّف التيارات و التوجهات الفكرية الى نوعين حق و باطل ، موضحاً : أن هذين التيارين موجودان على مرّ التاريخ ، و قد وجدا في العالم الاسلامي أيضاً بعد تأسيس الرسول الاكرم (ص) للحكومة الالهية .

و أضاف سماحته : التيار الثوري في العالم الاسلامي  ظهر بعد ثورة الامام الحسين (ع) ، و أن نتائجه سوف تتحقق على يد صاحب الزمان (عج) . و قد أوضح القرآن الكريم و الاحاديث الشريفة مستقبل هذا التيار . و بطبيعة الحال أن التيار الثوري هذا يستمر و يتواصل منذ ثورة الامام الحسين (ع) و حتى حكومة الامام المهدي (عج) العالمية ، على ايدي ائمة أهل البيت (ع) و علماء الدين  و الحوزات العلمية .

و شدد آية الله الاراكي على أن الائمة الاطهار (ع) ، مارسوا دورهم  - بشكل خفي -  في توجيه المجتمع الاسلامي  و هدايته ، موضحاً : أن ما يقال من أن هؤلاء العظام  اعتزلوا الحياة العامة بعد ثورة الامام الحسين (ع)  و لم يكن لديهم اهتمام بالشأن الحكومي ، كلام غير صحيح .

و تابع سماحته : أن الائمة الاطهار (ع) و فضلاً عن ادارتهم  للمجتمع الاسلامي في الخفاء ، عملوا  أيضاً للحد من اتساع  ارضية الحكومات الطاغوتية . أن أهل البيت (ع) كانوا يشجعون الحركات الثورية في الجاهلية الثانية ، و في هذا الصدد يمكن الاشارة الى نماذج متعددة منها ، ثورة زيد بن علي . بيد ان هؤلاء العظام كانوا لا يأخذون على عاتقهم حمل لواء الثورة  بشكل علني لأسباب خاصة .

و أضاف آية الله الاراكي : الثورات التي تلت ثورة الامام الحسين بن علي (ع) كانت على نوعين ، ثورات تدعو الى نفسها ، و أخرى  تدعو الى الرضا من آل محمد ( ص) . و أن الثورات التي كانت تدعو الى نفسها ، رفع قادتها لوائها في مقابل لواء أهل البيت (ع) . بمعنى أن الشعار الذي رفعوه  بالدعوة الى الامامة وسيادة المجتمع الاسلامي ، كان في الحقيقة دعوة للطاغوت . في حين ان الدعوة للرضا من آل محمد (ص) ، لم تكن تدعي الامامة أو السيادة ، و إنما كانت تدعو الناس للالتفاف حول الائمة الاطهار (ع) ، و كانت هذه الدعوة موضع تأييد و تشجيع حسبما تذكر الاحاديث و الروايات .

و رأى آية الله الاراكي في الثورة الاسلامية للشعب الايراني  بقيادة الامام الخميني (قدس سره) ، أكبر حدث في الدعوة الى الرضا من آل محمد (ص) ، موضحاً : منذ انطلاقة الثورة الاسلامية ، كان الشعب الايراني المسلم  يعتبر الامام الخميني نائباً لإمام الزمان (عج) . و أن هذه الثورة كانت في الحقيقة بمثابة انتزاع الحكم من يد الطاغوت و  تسليمه للرضا من آل محمد (ص) ، و ها نحن نتحمل اليوم المسؤولية امام هذه الحكومة .
 
و تابع سماحته : الثورة الاسلامية في الحقيقة هي ثورة امام الزمان (عج) ، و أن القدرات التي تتمتع بها الثورة اليوم إنما هي في الحقيقة قدرات صاحب الزمان (عج) . كما ان الفقهاء  يتمتعون بالقدرة  و النفوذ  باعتبارهم نواباً لإمام الزمان (عج) . و قد اضحت هذه الثورة مدعاة لانتقال الحكم  من الانظمة الطاغوتية الى الحكومة الالهية ، حكومة الرسول الاكرم (ص) و أهل بيته الاطهار (ع).

و في جانب آخر من كلمته ، أشار آية الله الاراكي الى ان سمة الثورية تتجلى في ترسيخ ولاية امير المؤمنين(ع) و أهل البيت (ع) ، التي هي ولاية الفقهاء أو ولاية الفقيه ، مضيفاً : أن اطاعة الولي الفقيه إنما هي بمثابة اطاعة امام الزمان (عج) ، و لهذا ينبغي لرؤساء السلطات الثلاث و كافة المسؤولين أن يعلموا بأن مشروعية عملهم يجب أن تحظى بتأييد امام الزمان (عج) ، و أن هذا التأييد منوط اليوم بالولي الفقيه سماحة القائد الامام الخامنئي .

و لفت سماحته :  أن الفقه الذي يدرّس في الحوزات إنما هو عبارة عن الاطروحة العدلية التي جاء بها الرسول الاكرم (ص)  للمجتمع الانساني ، و أن الحوزة العلمية  تتابع العمل بهذا المشروع  و تحرص على التمسك به حتى النهاية . و نظراً لأن الحوزة  تعد منطلقاً  للفقهاء العدول ، لذا تعتبر القلب النابض و المركز الفكري و العملي للمجتمع الاسلامي ، مما ينبغي للمجتمع الاقتداء بها .

 و أوضح الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية : الحوزة الثورية هي التي تكون سبّاقة في جميع ساحات  الثورة . و مثلما كان للحوزة  فيما سبق دور ريادي في مختلف الاحداث و سوح النضال و التظاهرات و الدفاع المقدس ، كذلك ينبغي لها اليوم  الاضطلاع  بدورها الريادي في كافة المجالات الفكرية و العملية ، خاصة الجانب الفكري و التنظيري  حيث لازال هناك الكثير الذي يتطلب انجازه .

و أردف قائلاً : الحوزة العلمية مطالبة بالتعبير عن آرائها و تصوراتها ازاء العديد من الموضوعات بما فيها ثقافة المجتمع  ، و العلاقة بين المواطنين و المؤسسات الحكومية ، وعلاقة الحكومة بالشعب و الشعب بالحكومة  الى غير ذلك . لابد لها من توضيح كل ذلك في ضوء القوانين الاسلامية . ذلك ان المجتمع الاسلامي اليوم يختلف كثيراً عن ما كان عليه قبل 1400 سنة . و يجب أن لا يغيب عن الاذهان أن مسؤوليات  الحكومة و واجباتها من الناحية الفقهية لم يتم تناولها بالبحث و التوضيح بشكل مفصل مثلما هو حاصل بالنسبة للاحكام الفردية  ، لأنه ائمة أهل البيت (ع) لم  يسألوا كثيراً حول هذه الموضوعات .  و مع ذلك أن الكثير من مهام و واجبات الحكومة  تم التطرق اليها في المراجع الدينية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

و اشار آية الله الاراكي الى أن محاصرة الفقه الشيعي طوال تاريخ التشيع ، شكّلت عاملاً آخر حال دون الخوض في تفاصيل مهام و واجبات الحكومة الاسلامية ، مضيفاً : الحوزات العلمية كانت منشغلة بالنضال على الدوام ، و لهذا لم تتاح لها الفرصة للعمل على استنباط  الاحكام الفقهية الخاصة بمهام و واجبات الحكومة الاسلامية ، مثلما فعلت بالنسبة للاحكام الفردية . و لكن الفرصة متاحة الآن نظراً لاختلاف اساليب الحكم ، مما ينبغي للحوزات العلمية اعطاء اجابات واضحة لمختلف الاسئلة و الاستفسارات الخاصة بالحكومة الاسلامية .  

و أضاف سماحته : الحوزات العلمية مطالبة اليوم بتقديم اجابات لجميع المسائل الخاصة بالانشطة الثقافية و الاقتصادية و السياسية و الادارية ... الخ . و اذا ما تم تلبية احتياجات الحكومة الاسلامية و اعطاء اجابات فقهية مستدلة ، سوف ينمو فقهنا خمسة اضعاف مما هو عليه اليوم . علماً ان الاحاديث و الروايات تتضمن اجابات لجميع المسائل .

و خلص آية الله الاراكي للقول : أن واجبنا و مسؤولياتنا  تكمن في مواصل النهج الذي اختطته ثورة الامام الحسين (ع) ، و حرص الائمة الاطهار (ع) و العلماء الاعلام على دعمه و مساندته على مرّ التاريخ ، و قد بلغ هذا التحرك ذروته في عصر الامام الخميني ، و سوف يتوّج  بالنصر المؤزر على  يد صاحب العصر و الزمان الامام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) المباركة .