الشيخ حنينة لـ "تنا":
ينبغي أن يكون للأمة الاسلامية دور في المئة عام القادمة
اعتبر رئيس مجلس الأمناء في تجمع علماء المسلمين بلبنان الشيخ غازي حنينة ان العالم يعيش حاليا مخاض تغييرات مهمة للغاية سترسم ملامح المئة عام القادمة الأمر الذي يتعين على الأمة الاسلامية أن يكون لها في هذه المئة عام.
وقال الشيخ حنينة خلال حديث خاص مع وكالة أنباء التقریب "تنا" على هامش مشاركته في المؤتمر السادس والثلاثين للوحدة الاسلامية في طهران: نلحظ التغيرات الدولية وكأننا على مئة عام جديدة من عمر البشرية، بعد المئة التي كانت في بدايتها سقوط الخلافة أو الدولة العثمانية والحرب العالمية الأولى والثانية، وبالتالي فاننا على أبواب مرحلة جديدة وما أحرى بالأمة الاسلامية أن يكون لها دور في هذه المرحلة، وأن نكون في حالة الندية مع القوى الكبرى لا أن نكون تبعا لها والارتهان لها، لأن الله أراد للأمة الاسلامية كل خير، قال تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، ولذلك نحن هنا نشارك في أسبوع الوحدة الاسلامية، بينما الفكر الوهابي هو الفكر الاقصائي والانعزالي القائم على ابعاد كل من لا يعتقد بهذا الفكر ولا يدين به، بينما نحن نرى أن كل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله، فهو مسلم.
وأضاف، أن يوم المولد النبوي الشريف انشق فيه فجر كل خير خلقه الله وتجلى في محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام وما من خير خلقه الله الا وكان محمد اختزن منه الكثير بل كل الكثير، وأسبوع الوحدة الاسلامية الذي دعا اليه الامام الخميني عليه الرحمة لجمع الصف ووحدة الكلمة وما أحرانا نحن المسلمون البحث عن الجوامع التي تجمع المسلمين، خاصة وأن ربنا أراد لنا أن نكون أمة واحدة "وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
ورد على سؤال، هل أن الأمة الاسلامة ونخبتها بلغوا مستوى التحديات التي تواجههم؟ بالقول: عندما نتحدث عن خلافات الامة الاسلامية فهناك مخزون تاريخي من التفرقة عاشته الأمة وعززه ملوك وأمراء من المسلمين الذين كانت مصالحهم تقتضي بقاء هذه الخلافات وتعزيزها ، كما أن هناك علماء شاركوا في تقسيم الأمة وللأسف سواء بوعي أو من دون وعي، ولا يزال هناك منهم يقوم بذلك ولعل الفكر الوهابي في مقدمة اللاعبين على هذا الوتر، وهذا الأمر لا يقتصر على الخلاف بين السنة والشيعة بين السنة أنفسهم والشيعة أنفسهم على حد سواء، فهناك مجموعات شيعية ترفض الحوار مع الشيعة أنفسهم، كما هو الحال هناك مجموعات سنية داعشية على المستوى الفكري الذي يمهد السبيل الى المواجهة العسكرية والتدميرية، وهذا ما شهدناه ونشهده في العراق وسوريا وليبيا والجزائر وأفغانستان ولبنان، وشر هذه الجماعة طال معظم بلداننا الاسلامية وما خلى منها الا الكيان الصهيوني، وكأن هذا العدو لا يستحق أن يمارس ضده الفكر التكفيري.
وقال: نحن نعمل على تنقية الأمة الاسلامية من هذا المخزون التاريخي من الخلافات، وهناك محاولات ومساع من أجل توحيد الجماعات وصقلها في بوتقات واحدة، وأحيانا حتى بعيدا عن الاصطفافات الحزبية والسياسية وانما الرابط والجامع لها هو المحبة والألفة والمودة، كما أن الجمهورية الاسلامية التي بلغت الأربعين عاما من النضج قدمت مشروعا للوحدة الاسلامية.
وشدد على أن ايران تحولت اليوم الى قوة اقليمية ودولية لا يمكن لأحد أن يتجاوزها ويتجاوز مواقف وسياسات قائدها خاصة وانها تصدت لمحاولات الأعداء في اثارة المشاكل والتوترات وتحولت الى رقم صعب ومهم في المنطقة والعالم، حتى بلغ الأمر في أن ايران اعادت احياء الدور الروسي في العالم، عندما اقنع الشهيد قاسم سليماني القيادة الروسية بضرورة لعب دور في المنطقة والعالم من خلال المشاركة في حل الأزمة السورية، بينما لم يكن لروسيا دور يعتد به في الأزمة العراقية، وبذلك عادت روسيا كقوة عالمية تتصدى لأميركا وتحبط مؤامراتها هنا وهناك.
وحول ما يردده البعض من أن ايران لا يهمها الوحدة وانما تستغل هذه القضية لنشر التشيع، اعتبر الشيخ حنية ان مفهوم البعض عن الوحدة خاطئ، فهو يتصور أن الوحدة يعني أن يذوب الواحد بالآخر بينما علينا أن نذوب جميعا في الاسلام، "ومهما كان ذوباننا في الاسلام فانه يبقى فهم كل واحد للاسلام، ففهمنا وفقهنا الذي نستنبطه من الاسلام مهما كان فيه تباين، لا يحول من الوحدة بيننا، والوحدة هي أن نقبل كل واحد مناالآخر كما هو دون السلبيات، دون أن نتعرض ونتطاول أحدنا على الآخر والمساس برموزنا وأسسنا، وأن مسألة محمد وآل محمد خارج النقاش الفقهي ولفكري والعقدي والسياسي والثقافي الذي يمكن أن يدور بين أبناء الأمة الاسلامية، لأن كتاب الله ينطق بذلك والرسول ينطق بذلك، ولا حرج في أن ينتمي من المسلمين لمذهب آل البيت".
وأعتبر أن أقوى دليل على صدق الجمهوية الاسلامية في الوحدة الاسلامية هو مؤقفها من القضية الفلسطينية ودعمها للشعب والمقاومة الفلسطينية على الرغم من أن معظم الشعب والمقاومة من السنة، وأن الجميع يقر ويعترف بذلك، بل أن القيادات الفلسطينية طالما تحدثت عن دور ايران في تطوير سلاح المقاومة والدعم الذي قدم الشهيد قاسم سليماني ودوره في المستويات السياسية والعسكرية التي وصلت اليها المقاومة.
وفي رده على سؤال حول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية اشار الشيخ حنينة الى أن لبنان يعاني من حصار خانق من قبل العدو الاميركي المتحالف معه عدد من الدول العربية ومعهم العدو الصهيوني، ولبنان يعيش حالة صراع منذ 10 سنوات مع العدو الصهيوني من خلال التفاوض غير المباشر معه، عبر الوسيط الأميركي غير النزيه، وقد أسفرت هذه المفاوضات مؤخرا عن نتائج الفضل الأول فيها لله جل وعلا ثم بفضل حكمة سيد المقاومة سماحة السيد حسن الله حفظه الله ورجال المقاومة الذين سخروا كل قدراتهم وامكانياتهم من أجل احقاق حق لبنان في حدوده البحرية، لذلك اننا نتفاوض الآن على الحدود البحرية وليس الحدود البرية، وقد آلت هذه المفاوضات الى اعتراف العدو الصهيوني بحق لبنان وحدوده البحرية.
ولفت الى انه مع ان هذه المفاوضات غير مباشرة وبالتالي ليست تطبيعا ولا اعترافا بالكيان الصهيوني ولكن هناك بعض اللبنانيين الذين يصطادون بالماء العكر على حساب الشعب اللبناني ولقمة عيشه وحبة دوائه، بينما تسعى المقاومة انتزاع حقوق لبنان من الكيان الصهيوني.
ونبه الى أن المقاومة استخدمت ورقة مهمة لدفع المفاوضات نحو الامام وارغام الصهاينة على القبول بالمطالب اللبنانية وهي ورقة المسيرات التي اطلقتها فوق حقل اريش الغازي وسائر المواقع، مما وجه رسالة للكيان الصهيوني أن المقاومة قادرة على ضرب جميع هذه المواقع والحقول.