/ صفحه 315/
وليست تكرارا مع قوله تعالى من قبل: ((له ما في السموات وما في الأرض)) فإن الحديث في إحداهما عن السموات والأرض، وفي الأخرى عما فيهما.
وقد تعددت الآراء في المراد بقوله تعالى: ((كرسيه)) هل هو علم الله، أو ملك من ملائكته، أو جسم كثيف أو لطيف... الخ، وخير لنا أن نختار بين أن نتبع رأي السلف فنسلم ونقول: له تعالى كرسي كما أنبأ عن نفسه، ولا ندري ماكنهه، ناظرين إلى ذلك من أفق ((ليس كمثله شىء)) أو نتبع رأي الخلف، فنقول كما قيل في الاستواء على العرش: إن ذلك تمثيل لملك الله على حد مايعرفه الناس من شأن الملوك.
والجملة التاسعة: ((ولا يؤوده حفظهما)) ضرورية في تتميم المعنى المراد من بيان عظمة الله تعالى، إذ أن الملك بذاته لا يقتضي القدرة على حفظ المملوك، ولا أن هذا الحفظ سهل يسير على المالك لا يشق عليه، ولذلك أفاد الله تعالى أنه هو حافظ السموات والأرض كما هو مالكمهما، وأن هذا الحفظ لا يؤوده. ولا يحمله على أن يتكلف له ما يشق عليه أو يثقله.
والجملة العاشرة ختام لهذا كله، ولذلك تضمنت بالإجمال ماتقدمها من تفصيل، وهي قوله تعالى: ((وهو العلي العظيم)).
وبيان ذلك أن صفة ((العلو)) قد ثبتت لله تعالى من أنه لا إله إلا هو، ومن أنه الحي الذي لا يستند في حياته إلى غيره، الكامل الحياة، لأنه وهب منها لكل حي سواه، الباقي الذي يزول كل ماعداه، ومن أنه القيوم الذي يقوم بنفسه، ويقوم به كل ماسواه، الباقي الذي يزول كل ماعداه، ومن أنه القيوم الذي يقوم بنفسه، ويقوم به كل ماسواه، ومن أن حياتة وقيوميته لا يغلبهما عارض يعرض، فيؤدي إلى الغفلة ولو في فترة يسيرة، ومن أنه مالك لكل ما في العالم، وهذه صفات العلو الكامل عن كل ما في الوجود، وصفة ((العلي)) تلخيص لها.