وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 45/
مصالحهم في دنياهم، ولو أنه فعل لقامت الفتنة وتعطلت رسالة الله في هذه الاقوام القساة، ويكفيك أن تعلم ما كان عليه هؤلاء الناس من قسوة في القلوب وتهافت على مصالح الدنيا، وما كانوا عليه من غزو ونهب وسلب، وما عكفوا
عليه من أخلاق محقوتة، بل أن تعلم أن بعض هؤلاء الناس ـ وكانوا اقتنعوا بصحة الإسلام ووحدانية الله وأصبحوا مسلمين ـ لما علموا باستمرار فرض الزكاة عليهم بعد وفاة النبي، رجعوا إلى شركهم وتركوا دينهم الذي ارتضوه، وأوجدوا بذلك تلك الفتنة التي سبيت حروب الردة، ومتى كان هذا الشعب حديث عهد بالشرك والتمرد على النظم إلى هذا الحد، فان من الواجب عقلا التدرج في تهذيب النفوس القاسية لتقلع عما ورثته من تقاليد وعادات رسخت في نفوسهم، وأصبحت قطعة من وجودهم.
ثم ان الإسلام قائم على الدعوة بالحسني وعلى النصح والرشاد، مع الاحتفاظ بالحرية الكاملة وعدم الاعتداء على أحد لا يعتدى على المسلمين "و قاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ونقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين".
لهذا كله كانت الدعوة للاسلام سليمة، وبعد أن اقتنع العرب وأسلموا لله ورسوله كان على النبي عليه الصلاة والسلام ـ ودين الله دين عالمي ـ أن يسعي إلى نشره في أنحاء العالم، فكتب إلى ملوك البلاد المجاورة وحاكميها أن يدخلوا في دين الله، فادا أسلموا وشعوبهم، بقيت لهم ممالكهم. فالنبي لم يكن فاتحا ولا حاكما" ولا يبغي أن يكون ملكاً لاية أمة حتى لموطنه بلاد العرب، فهو رسول ليس غير، اختاره ربه لتبلغ رسالته لتكون دستوراً للعالم كله، فرسول الله لا يريد سوى تطهير النفوس، وجعل الناس أمة واحدة كجسد واحد اذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الاعضاء بالسهر والحمي.
ولكنّ هؤلاء الملوك الحاكمين رفضوا ما عرضه عليهم رسول الله بأنفة وكبرياء بل وباستهزاء وأقاموا بين مماكهم وبين الرسول ودينه ستارا حديديا