وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 309/
حق البلاء فكانوا يعملون أن لصمته مصدراً آخر أعمق من هذه المصادر كلها، وأن كانت هذه لمصادر حق تؤثر فيه الصمت، وتطبعه عليه. أما المصدر الخطير فكان تفكيراً ملحاً من تفكير حنيف ـ كما كانوا يقولون ـ أو وعي حر ـ كما
تعودنا أن نقول اليوم ـ من وعي ا لاحرار المفكرين، وكان الوعي في عهده متململا يبرق إلى الواعين، ويخامرهم، ويؤامرهم، ويحثهم حثاً عنيفا على إعادة النظر بهذه الوثنية المظلمة، وبهذه العادات الرثة، وبهذه الانظمه البالية، ولكنهم كانوا يخشون الجهد، ويخافون الظهور، ولا سيما مستضعف كعمار، أكبر حجته في بقائه بمكة خلف أبيه لابى حذيفة، وكل قوته أنه منسوب إلى هذا الزعيم من مخزوم، فما أحراه إذ يضطرب وعيه بعيب للالهة، أو نقد للتقاليد أن يتخلي عنه أبو حذيفة، وما أحراه إذ يتخلي عنه أبو حذيفة أن تمزقه السياط، أو تتقاذفه الغلمان، أو تتخطفه الشياطين، فيذهب من أجل هذا صامتا صمته العميق المفكر، مودعا سادة قريش موادعة أحلافهم وعبيدهم، منتظراً مع هذا وذاك رجفة الزلزال التي يحسها في نفسه، ويحسها في نظرائه، ويحسها في سير الاحداث.
وكان خلال صمته ينتقد بينه وبين نفسه، وربما انتقد بينه وبين أبيه مصير مكة في عهده، وسوء منقلب سادتها أو أكثرهم ممن أسرفوا على مكة وعلى الناس وعلى أنفسهم، فارتدوا جبابرة يوشك أن يبدلوا أمن (البيت) خوفا، ويعيدوا بشاشة الحياة عبوسا، ويردوا رجاء العيش شدة، فهؤلاء سفهاء من أمية وجمع وسهم وعدى، لا تكفيهم أفياؤهم ومرابحهم، ولا تسد شهواتهم القيان ومن استزلهن الشيطان من نساء الحاضرفة حتى يسطوا بتجارة الغرباء، ويغلبوا الزائيرين على بناتهم، فيبلغوا حاجتهم من الاموال والاعراض بغزو أبشع من غزو البادية وأشنع وأشد استهتارا.
قال لابيه مرة: ويح هؤلاء السفهاء، ألا يتقون شر هذه البدع المنكرة في قدس بلدهم الذي به يحيون، إن لم يتقوها في زكاة أنفسهم، وتقوى ضمائرهم، ألا ينظرون إذا تسامع بشأنهم الناس من حجاج (البيت) ومصر في التجارة، أن يخلعوهم من (البيت) ويزيلوهم من الحكم، أو يقاطعوهم إذا لم يستطيعوا