@ 70 @ .
ذكر أول من دون الحديث .
قال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري : ( ( أعلم - علمني الله وإياك - أن آثار النبي ، لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعهم مدونة في الجوامع ، ولا مرتبه ، لأمرين : .
أحدهما : أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك ، كما ثبت في صحيح مسلم ، خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم . .
وثانيهما : لسعة حفظهم وسيلان أذهابهم ، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة . ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار ، وتبويب الأخبار ، لما انتشر العلماء في الأمصار ، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار . .
فأول من جمع ذلك ( ( الربيع بن صبيح ) ) و ( ( سعيد بن أبي عروبة ) ) وغيرهما . وكانوا يصنفون كل باب على حدة ، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة ، فدونوا الأحكام . فصنف الإمام مالك ( ( الموطأ ) ) وتوخي فيه القوى من حديث أهل الحجاز ، ومزحة بأقوال الصحابة ، وفتاوى التابعين ، ومن بعدهم . وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريح بمكة . وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام . وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة . وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة . ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم ، إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي خاصة ، وذلك على راس المائتين ، فصنف عبيد الله ابن موسى العبسي الكوفي مسندا ، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا ، وصنف أسد بن موسى الأموي سندا ، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا ) ) . .
( ( ثم افتفى الأئمة بعد ذلك آثرهم ، فقل إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد ، كالإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وعثمان بن شيبة ، وغيرهم من النبلاء ) ) .