@ 383 @ .
( ( فهذه الأسباب العشرة ظاهرة . وفي كثير من الأحاديث يجوز أن يكون للعالم حجة في ترك العمل بالحديث ، لم نطلع نحن عليها ، فإن مدارك العلم واسعة ، ولم نطلع نحن على جميع ما في بواطن العلماء . والعالم قد يبدي حجته ، وقد لا يبديها ، وإذا أبداها ، قد تبلغنا ، وقد لا تبلغ ، وإذا بلغتنا ، فقد ندرك ، موضع احتجاجه ، وقد لا ندركه ، سواء كانت الحجة صواباً في نفس الأمر أم لا . لكن نحن ، وإن جوزنا هذا ، فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح ، وافقه طائفة من أهل العلم إلى قول آخر قاله عالم يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة ، وإن كان أعلم ، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعي ، فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده بخلاف رأي العالم . والدليل الشرعي الشرعي يمتنع أن يكون خطأ إذا لم يعارضه دليل آخر ، ورأي العالم ليس كذلك ، ولو كان العمل بهذا التجويز جائزاً لما بقى في أيدينا شيء من الأدلة التي يجوز فيها مثل هذا ، لكن الغرض أنه في نفسه قد يكون معذوراً في تركه له ونحن معذورون في تركنا لهذا الترك . وقد قال سبحانه : ( ^ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت . . ) . .
وقال سبحانه : ( ^ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي بقول أحج من الناس ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما لرجل سأله من مسألة فأجابه فيها بحديث ، فقال له : قال أبو بكر وعمر . . . فقال ابن عباس : أبو بكر وعمر ! ! وإذا كان الترك يكونه لبعض هذه الأسباب ، فإذا جاء حديث صحيح فيه تحليل أو تحريم أو حكم ، فلا يجوز أن يعتقد أن التارك له - من العلماء الذين وصفنا أسباب تركهم - يعاقب لكونه حلل الحرام ، أو حرم الحلال ، أو حكم بغير ما أنزل الله . وكذلك إن كان في الحديث وعيد على فعل من لعنه أو غضب أو عذاب ونحو ذلك ، فلا يجوز أن يقول : إن ذلك العالم الذي أباح هذا أو فعله داخل في هذا الوعيد . وهذا مما لا نعلم بين الأمة فيه خلافاً إلا شيئاً عن بعض معتزلة بغداد ، مثل المريسي وإضرابه أنهم زعموا أن المخطىء من