@ 382 @ يعلم إلا قول اثنين أو ثلاثة من الأئمة المتبوعين ، وما خرج عن ذلك فإنه عنده مخالف الإجماع ، لأنه لا يعلم به ، قائلا وما زال يقرع سمعه خلافه ، فهذا لا يمكنه أن يصير إلى حديث يخالف هذا ، لخوفه أن يكون هذا خلافاً للإجماع ، أو لاعتقاده أنه مخالف للإجماع - والإجماع أعظم الحجج - وهذا عذر كثير من الناس في كثير مما يتركونه ، وبعضهم معذور فيه حقيقة ، وبعضهم معذور فيه ، وليس في الحقيقة بمعذور . وكذلك كثير من الأسباب قبله وبعده . .
السبب العاشر . - معارضته بما يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله ، مما لا يعتقد غيره أو جنسه معارض ، أو لا يكون في الحقيقة معارضاً راجحاً ، كمعارضة كثير من الكوفيين الحديث الصحيح بظاهر القرآن ، واعتقادهم أن ظاهر القرآن من العموم ونحوه مقدم على نص الحديث . ثم قد يعتقد ما ليس بظاهر ظاهراً ، لما في دلالات القول من الوجوه الكثيرة . ولهذا ردوا حديث الشاهد واليمين ، وإن كان غيرهم يعلم أن ليس في ظاهرة القرآن ما يمنع الحكم بشاهد ويمين ، ولو كان فيه ذلك ، فالسنة هي المفسرة للقرآن عندهم . وللشافعي في هذه القاعدة كلام معروف ، ولأحمد فيها رسالته المشهورة في الرد على من يزعم الاستغناء بظاهر القرآن عن تفسير سنة رسول الله ، وقد أورد فيها من الدلائل ما يضيق هذا الموضع عن ذكره . ومن ذلك دفع الخبر الذي هو تخصيص لعموم الكتاب ، أو تقييد لمطلقة ، أو فيه زيادة عليه ، واعتقاد من يقول ذلك أن الزيادة على النص كتقييد المطلق نسخ ، وأن تخصيص العام نسخ ، وكمعارضه طائفة من المدنيين الحديث الصحيح بعمل أهل المدينة ، بناء على أنهم مجمعون على مخالفة الخبر ، وأن إجماعهم حجة مقدمة على الخبر ، كمخالفة أحاديث خيار المجلس ، بناء على هذا الأصل وإن كان أكثر الناس قد يثبتون أن المدنيين قد اختلفوا في تلك المسألة ، وأنهم لو أجمعوا وخالفهم غيرهم ، لكانت الحجة في الخبر . وكمعارضة قوم من البلدين بعض الأحاديث بالقياس الجلي ، بناء على أن القواعد الكلية لا تنقض بمثل هذ 1 الخبر إلى غير ذلك من أنواع المعارضات سواء كان المعارض مصيباً أو مخطئاً .