@ 224 @ هكذا ، لكتبها أصحاب رسول الله ، فهل جاءنا عن أحد منهم أنه فعل ذلك ؟ وجاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه استأذن رسول الله في صحيفة فأذن له ، وأما سائر الأخبار فإنهم تلقوها منه حفظاً وأدوها حفظاً ، فكانوا يقدمون ويؤخرون ، وتختلف ألفاظ الرواية فيما لا يتغير معناه ، فلا ينكر ذلك منهم ، ولا يرون بذلك بأساً ) ) . .
ثم أسند الترمذي قدس سره عن أبي هريرة وعبد الله بن أكيمة مرفوعاً جواز ذلك إذا لم يحرم حلال ، ولم يحل حرام ، وأصيب المعنى ، كما نقدم قيل . ثم قال الترمذي : ( فمن أراد أن يؤدي إلى من بعده حديثاً قد سمعه ، جاز له أن يغير لفظه ما لم يتغير المعنى ) انتهى . .
وقال الإمام ابن فارس في جزئه في المصطلح في الكلام على من كان من الرواة يتورع في أداء اللفظ الملحون ، ويكتب عليه ( كذا ) ما مثاله : ( هذا التثبت حسن ، لكن أهل العلم قد يتساهلون إذا أدوا المعنى ، ويقولونك لو كان أداء اللفظ واجبا حتى لا يغفل منه حرف ، لأمرهم رسول الله بإثبات ما يسمعون منه ، كما أمرهم بإثبات الوحي الذي لا يجوز تغيير معناه ولا لفظه ؛ فلما لم يأمرهم بإثبات ذلك ، دل على أن الأمر في التحديث أسهل ، وإن كان أداء ذلك اللفظ الذي سمعه أحسن ) انتهى . .
وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة : ( ( وأما الرواية بالمعنى ، فالخلاف فيها شهير ، والأكثر على الجواز أيضاً ؛ ومن أقوى حججهم الإجماع على شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى ، فجوازه باللغة العربية أولى . وقيل إنما يجوز في المفردات ، دون المركبات . وقيل : إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه . وقيل : إنما يجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسى لفظه وبقى معناه مرتسماً في ذهنه . فله أن يرويه بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم منه ، بخلاف من كان مستحضراً للفظه . وجميع ما تقدم يتعلق بالجواز وعدمه ، ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه ، دون التصرف فيه . قال القاضي عياض : ( ينبغي سد باب الرواية بالمعني ، لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن ، كما وقع لكثير من الرواة قديماً وحديثاً ، والله الموفق ) .