[39] يكونوا فضلاء.. وأن يجعلوا الارض اختا للسماء. * * * فقد وعى الامام ان الانسان الجائع، المستغل، المحروم، المصفد بالاغلال لا يستطيع أن يكون فاضلا، وأن من اللغو أن يوعظ بالوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، وإن إنسانا كهذا ينقلب كافرا: كافرا بالقيم، والفضائل والانسان. إن معدته الخاوية، وجسده المعذب، ومجتمه الكافر بانسانيته، المتنكر له، وشعوره بالاستغلال، وميسم الضعة الذي يلاحقه أنى كان - هذه كلها تجعله لصا، وسفاحا، وعدوا اللانسانية التي لم تعترف له بحقه في الحياة الكريمة. ووعى ان المجتمع القائم على سيادة فريق وعبودية فريق، وعلى استغلال الاسياد للعبيد، والاحرار للمصفدين بالاغلال، مجتمع لا يمكن أن توجد فيه فضيلة ولا يمكن أن يوجد فيه فضلاء. إنه ليس إلا مجتمع لصوص ومجرمين وعبيد، تسير أفراده الاحقاد والمكر والاستغلال، وما كانت اللصوصية والعبودية وما إليها يوما فضائل تشرف الانسان. على أساس من هذا الوعي جعل الامام الاصلاح الاقتصادي أساسا للاصلاح الاجتماعي. ولقد كان من الطبيعي جدا - حتى عند المفكرين والمصلحين - في عصر الامام وقبله أن يوجد أناس جائعون فقراء، وان يوجد أغنياء يحارون كيف ينفقون أموالهم، فلم يكن الفقر بذاته والغنى بذاته مشكلة اجتماعية تطلب حلا، لانها في نظرهم أمر طبيعي لا محيد عنه. إنما المشكلة هي: كيف السبيل إلى اسكات الفقراء وحماية الاغنياء ؟ فكان الامام - بعد النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من كشف أن الفقر والغنى مشكلة اجتماعية خطيرة، ونظر إليها على أساس أفاعيلها الاجتماعية. ________________________________________