[ 38 ] في شايع الاستعمالات على ورود الخصوصيات من اهل اللسان وثبوت الترخيص في الاشخاص وجريان السير واستمرار الطريقة عليه جسما اشرنا إليه واما على الافتقار إلى نقل الاحاد في الحروف والظروف ونحوها من الافعال والاسماء الناقصة فباعتناء علماء العربية في مستعملاتها وبيان معانيها الحقيقية والمجازية من غير فرو بينها في ذلك وفى ايراد الشواهد والادلة لاثبات كل من معانيها ولو كانت حجازية ووقوع النزاع في بعض منها على نحو المعاني الحقيقية واستناد كل من الطرفين إلى الشواهد والمرحجات فلو لا الحاجة إلى النقل وتوقف الاستعمال فيها على التوقيف لم يتجه ما ذكروه ولم يترتب قائدة على ما بينوه بل لم ينحصر معانيها المجازية فيما شرحوه لاتساع الدايرة فيها وعدم توقف صحة الاستعمال على نقلهم لها وفيه ان ذلك لا يفيد توقف المجاز على النقل فقد يكون ذلك لمزيد عنايتهم بشأنها لكثرة دورانها في الاستعمالات وشيوع استعمالها في المحاورات وقد كان معظم ما يصح استعماله فيه من معانيها المجازية جاريا في استعمالاتهم واقعا في اطلاقاتهم فارادوا بيان معانيها المجازية ليسهل تفسير استعمالاته الواردة في كلامهم وحصرهم المعاني فيما ذكروه لو سلم فانما هو لعدم حصول ما ذكرناه من المناط في صحة التجوز الا بالنسبة إليها في الغالب لا لتوقف الامر فيها على النقل وقد يورد على ذلك بان اسناهم فيما ذكروه من المعاني المفروضة إلى الشواهد النقلية نظير المعاني الحقيقية ومناقشتهم فيمما يستندون إليه في ثبوت الاطلاق الاطلاق على بعض المعاني المفروضة مما يدل على توقف الاستعمال فيها على النقل دون القاعدة ويمكن الجواب عنه بان ما كان من هذا القبيل قد يدعى كونه من المعاني الحقيقية إذ لا يتجه المناقشة في صحه التجوز مع حصول العلاقة بين المعينين بعد ملاحظة ما هو ظاهر من طريقتهم في المجاز فلا يبعد ح ان يكون ما ناقشوا في ثبوته من جملة المعاني الحقيقية وان كان من المعاني القديمة المهجورة أو يق انه لما كانت العلاقة (هناك خفية ارادوا بالرجوع إلى الشواهد معرفة كون تلك العلايق) معتبرة عندهم مصححة للاستعمال في نظرهم حيث وقع الاستعمال من جهتها في كلامهم وربما يق بان التجوز في الحروف وما ضاهاها ليس على حد غيرها من ساير الاسماء والافعال بل يصح الخروج عن مقتضى اوضاعها باستعمالها في غيرها وضعت له مما اجاز الواضع استعمالها فيه بملاحظة القرائن وان لم يكن مناسبا لمعانيها الحقيقية كاستعمال إلى بمعنى مع والباء بمعنى من والمعنى بل ونحو ذلك بل كثير من المعاني المذكورة لها من هذا القبيل فإذا الترم بمجازيتها لا تجه البنآء على ما ذكرنا وهو وان كان خلاف ما هو المعروف في المجاز الا انه غير بعيد عن الاعتبار ولا مانع منه بعد اذن الواضع وترخيصه فيه فيكون اعتبار العلاقة والمناسبة حاصلة في القسم السابع من المجاز ويكون اطلاق كلام القوم في اعتبار العلاقة محمولة على ذلك ويكون الوضع الترخيصي الحاصل هناك نوعا كليا بخلاف التجوز على الوجه المذكور لعدم افاطة الترخيص فيه بالعلاقة فيكون الوضع الترخيصي فيه شخصيا متعلقا بلفظ خاص ومعنى مخصوص على نحو الاوضاع الحقيقية الشخصية فلابد من ثبوت التوقيف فيه كذلك فان الحاجة إلى نقل الاحاد والنوع يتبع الوضع الحاصل من اهل اللغة فان كان الوضع هناك نوعيا كليا لزم حصول التوقيف فيه بالنسبة إلى النوع من غير حاجة إلى نقل الاحاد كما في الوجه الاول وان كان شخصيا خاصيا فلابد من ثبوته كك كما في الثاني من غير فرق في ذلك بين الحقيقة والمجاز ومن ذلك يظهر وجه اخر في عدم توقف صحة التجوز على الوجه الاول على نقل خصوص احاد المجاز ولا انواع العلايق إذا لظاهر كون الوضع الترخيصي الحاصل هناك امرا واحد كليا لان هناك اوضاعا ترخيصية شخصية متعلقة باحاد المجازات أو نوعية متعلقة بانواع العلايق متعددة على حسبها ليفتقر صحة التجوز بالنسبة إلى كل منها على نقله وثبوته من الواضع وكيف كان فالتحقيق في المقام دوران الامر هناك بين احد الوجهين المذكورين من التزام كونها من المعاني الحقيقية أو التزام صحة التجوز مع الخلو عن العلاقة المعتبرة من جهة الترخيص الخاص المتعلق به نظرا إلى خلو معظم المعاني المذكورة لها من العلاقة المسوغة وتغنى بعض التعسفات الركيكة في ابتداء المناسبة بينها وبين المعاني الحقيقة لو امكن فيما لا داعى إليه وتوقف ثبوتها اذن على التوقيف ونقل الاحاد على كل من الوجهين المذكورين واضح واما غيرها من المناسبة لمعانيها الحقيقي فقد يكون تعرضهم له من جهة احتمال ثبوت الوضع فيه أو من جهة بنائهم على استيفاء معانيها المستعملة أو لتوضيح المراد منها في الاستعمالات الواردة جسما اشرنا إليه فتأمل الاصل في الاستعمال حمل اللفظ على معناه الحقيقي فيما إذا دار الامر بين الحمل عليه وعلى المعنى المجازى فيحكم بكون المعنى الحقيقي هو المقصود بالافادة المطلوب افهامه من العبارة الا ان يقوم هناك قرينة صارفة عن ذلك قاضية بحمل اللفظ على غيره اما باستعمال اللفظ فيه ابتدآء وباستعماله في المعنى الحقيقي لينتقل منه إلى المجازى كما في الكناية وغيرها حسبما ويدل عليه بعد قيام السيرة القاطعة المستمرة من بدو وضع اللغة إلى الان عليه النظر إلى الغاية الباعثة على التفدى للوضع إذا لغرض من الاوضاع تسهيل الامر في التفهيم والتفهم حيث ان الانسان مدنى الطبع يحتاج في امر معاشه ومعاده إلى ابناء نوعه ولا يتم له حوائجه من دون الاستعانة بغيره ولا يحصل ذلك الا بابداء ما في ضميره وفهمه ما في ضمير غيره مما يحتاج إليه ولا يتسهل له ذلك الا بواسطة الموضوعات اللفظية حيث ان ساير الطرق من الاشارة ونحوها لا يفى بجميع المقاصد ولا يمكن الافهام بها في كثير من الاوقات ويتعسر افهام تمام المطلوب والمقصود بها في الغالب مضافا إلى ما فيها من الخطاء والالتباس فلذا قضت الحكمة بتقرير اللغات وبناء الامر في التفهم والتفهيم على الالفاظ ومن البين ان الفائدة المذكورة انما يترتب على ذلك بجعل الالفاظ كافية في بيان المقاصد من غير حاجة إلى ضم شئ من القرائن إذ لو توقف الفهم على ضمها لزم العود إلى المحذور المذكور مضافا إلى كونه تطويلا بلا طايل لا مكان حصول المقصود من دونه نعم قد يطلب الاجمال وعدم التصريح بخصوص المقصود في بعض المقامات ولذلك وغيره من القوائد وقع الاشراك في بعض الالفاظ الا انه ليس في ________________________________________