[ 26 ] من ذلك الكلام بالنظر إلى ما قصد من الالفاظ وان لم يكن ذلك هو المقص بالذات من المتكلم ولا يعتبر في قصد المعنى من اللفظ بالذات ان يكون المقص بالذات من المتكلم افادة ذلك لوضوح انه قد يكون المراد امور اخر مع عدم استعمال اللفظ في شئ منها وبتقرير اوضح ان لوازم الكلام اما ان يكون من لوازم الموضوع له فلا يراد من الكلام افادة الموضوع له بل افادتها فيكون ذلك اذن من المجاز واما ان يكون ذلك من لوازم الاخبار أو التكلم أو المخاطبة ونحوها فكونها هي المقصودة بالافادة لا ربط له باستعمال اللفظ كيف ولو كان اللفظ هناك مستعملا في تلك اللوازم لزم ان يكون غلطا اذلا واسطة بين الحقيقة والمجاز والاستعمال الصحيح منحصر فيهما عندهم وذلك لانتفاء المناسبة بين الموضوع له وبينها الا ترى ان الموضوع له بقولك زيد مات هو مات زيد بحسب الواقع وهو مما لا ربط له بعلم المتكلم وليس بينها مناسبة مصححة لاستعمال اللفظ الموضوع بازائه فيه وانما هو من لوازم الاخبار به حيث ان الاخبار بشئ يقضى بعلم المخبر بمضمون ما يخبر به فذلك من الفوايد المترتبة على الكلام وقد يكون مقص المخرج هو افادة تلك الفايدة دون الفايدة الاصلية المترتبة على ذلك الكلام اعني افادة ذلك المخبر به وهذا مما لا ربط له بالمعنى الذى يستعمل فيه اللفظ اصلا ويعرف بالت فيما قررنا ان ارادة التذلل والتخشع ونحو ذلك من الكلام على الوجه المذكور كما في قولك انا عبدك ومملوكك ونحو ذلك من القسم المتقدم فيكون اللفظ المستعمل على ذلك الوجه مندرجا في المجاز الا ان المجاز هناك غالبا في المركبات فت في المقام فصار المحصل انه ليس المراد بالمستعمل فيه في المقام ما اريد باللفظ ابتداء ولو من جهة التوصل إلى غيره بل المراد ما كان المقص الاصلى الاولى من اللفظ افادته فح وان كان المقص من اللفظ كك افادة الوضع له كان حقيقة وان اراد مع ذلك الانتقال إلى لازم ذلك المعنى ايضا كما هو احد وجهى الكناية وان كان المقص كك افادة غيره كان مجازا سواء كان ذلك بتوسط ارادة الموضوع له أو بدون توسطها مع قيام القرينة الصارفة عن ارادة الموضوع له مط ومع عدمه يندرج في ذلك الوجه الاخر من الكناية هذا على اصطلاح الاصوليين واما على اصطلاح البيانيين فان كان المقص بالافادة هو المعنى الموضوع له خاصة فهو الحقيقة وان كان المقص بالافادة هو غير ما وضع له مع قيام القرينة المعاندة لارادة الموضوع له فهو المجاز وان كان غير ما وضع له مقصودا بالافادة من دون اعتبار قرينة معاندة لارادة الموضوع له فهو الكناية سواء كان الموضوع له مقصودا بالافادة ايضا اولا فالاصطلاح الاصولي في كل من الحقيقة والمجاز مغاير لاصطلاح البيانى وهذا بالمعنى الاول اعم منه مط منها بالمعنى الثاني ولتحقيق الكلام في الكناية محل اخر ليس هذا موضع ذكره ولعله يجيئ الاشارة إلى بعض منه في بحث استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه انش تع وقد ظهر بما ذكرنا ان استعمال الاستعارة على الوجهين المذكورين من المجاز اللفظى إذ ليس المقص الاصلى من اللفظ هو بيان معنى الحقيقي فما ذكره السكاكى من كونها حقيقة لغوية بناء على الوجه الاول وان التصرف في امر عقلي ح خاصة ليس على ما ينبغى فالاظهر هو القول الاشهر هذا غاية ما يوجه به المقام ومع ذلك فتصحيح المقص بذلك لا يخ عن كلام وتطبيق الحد عليه لا يخ من خفاء والاتيان بمثل تلك التعبيرات في الحدود والتقسيمات غير خال من اشكال وكان وضوح الحال عندهم من الخارج قرينة مصححة للحد فت الرابقى الوضع باعتبار الموضوع قد يكون شخصيا وقد يكون نوعيا وذلك لان الواضع اما ان يلاحظ شخصا من اللفظ معينا بمادته وهيئته ويضعه بازاء المعنى فالوضع فيه شخصي لتعلقه بشخص معين من اللفظ غير ممكن الصدق على الفاط مختلفة وان كان بحسب الواقع كليا لتعدده بحسب تعدد ازمنة الاستعمال وتعدد المسلمين ولو في زمان واحد فان ذلك لا يوجب تعددا في نفس اللفظ بل يقضى بتعدد الاستعمال فوحدة اللفظ من قبيل الوحدة النوعية لا ينافي تكثرا في الوجود فليس المراد بالشخص في المقام مالا يمكن صدقه على كثيرين كما يترا آى في بادى النظر بل المراد به كما قلنا هو اللفظ المخصوص الذى يستحيل صدقه على الفاظ مختلفة وح فإذا وضع ذلك اللفظ للمعنى تعين له حيثما وجد من غير ان يحتاج في تعيين تلك الجزئيات له إلى معين اخر بل تعين له بذلك الوضع وح فلا وجه لجعل اللفظ حال الوضع مراتا لمستعملاته ووضع خصوص كل من تلك المستعملات بازاء المعنى المقص فان الاعتبار المذكور تعسف ركيك لاداعى إلى الالتزام به ولا إلى احتماله في المقام مع ظهور خلافه واما ان يلاحظه حال الوضع امرا عاما شاملا للالفاظ المختلفة شمول وضع الكلى لجزئياته أو شمول الفرض لافراد مفروضه فتضع ذلك الامر بازاء المعنى أو يجعل ذلك مراتا لملاحظة ما يندرج تحته من الالفاظ الخاصة أو الخصوصيات العارضة لها ويضع كل منها بازاء ما تعنيه من المعنى فيكون الوضع ح نوعيا اما على الاول فظ لكون الموضوع نفس النوع واما على الثاني فيكون النوع هو المتصور حال الوضع والامر الموضوع ح وان كان اشخاص تلك الالفاظ أو الخصوصيات العارضة للالفاظ الخاصة الا انها غير متصورة بشخصها بل في ضمن النوع حيث جعل تصور النوع مراتا لملاحظتها فلما كان الملحوظ حال الوضع هو النوع وكانت الاشخاص الموضوعة متصورة اجمالا بتصور ذلك النوع عدا الوضع نوعيا فالوضع النوعى يتصور في بادى الراى على كل من الوجوه الاربعة المذكورة لكن الوجه الاول منها غير حاصل في وضع الالفاظ ضرورة تعلق الوضع فيها بخصوص كل واحد منها واخذ اللفظ على وجه عام ووضعه للمعنى من غير ان يتعلق الوضع بلفظ مخصوص غير معهود في وضع الالفاظ فالقول به في وضع المشتقات بان يجعل الموضوع هناك هو مفهوم ما كان على هيئة فاعل مثلا الصادق على تلك المصاديق من غير ان يتعلق الوضع بخصوص شئ منها تعسف ركيك ولو قلنا بوجود الكلى الطبيعي في الخارج فانه ان اريد بذلك كون المفهوم المذكور موضوعا بازاء ذلك فهو بعيد جدا إذ من الظاهر بملاحظة الاستعمال تعلق الوضع بنفس تلك الالفاظ ومن البين ان المفهوم المذكور ليس من قبيل اللفظ وانما هو معنى صادق عليه وان اريد به كون مصاديق تلك المفهوم موضوعة بازائه فهو خروج عن الفرض والحاصل ان الظ تعلق الوضع بالمشتقات بخصوص كل من تلك المصاديق كما هو معلوم من ملاحظة العرف واللغة فان كلا من الضارب والناصر والقائم والقاعد ونحوها موضوع لمن قام به كل من المبادى المذكورة لان الموضوع هناك امر عام حاصل في ضمن كلواحد منها من غير تعلق الوضع بتلك الالفاظ ومما قررنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الافاضل من ان الواضع ان كان غرضه تعلق بوضع الهيئة أي ما كان على زنة فاعل لمن قام به المبدء فح انما وضع لفظا كليا منطقيا لمعنى كلى منطقى وكما يتشخص كلى اللفظ في ضمن مثل ضارب كك يتشخص كلى المعنى في ضمن من قام به الضرب ولا يستلزم ذلك وضعا جزئيا لمعنى جزئي بل لفظة ضارب من حيث انه تحقق فيه الهيئة الكلية الموضوعة لمن قام به الضرب من حيث انه تحقق فيه المعنى الكلى اعني من قام به المبدء ولا يلزم من ذلك تجوز في لفظة ضارب إذا اريد به من قلم به الضرب كما انه لا يلزم التجوز في اطلاق الكلى على الفرد مثل زيد انسان وبالجملة وضع اللفظ الكلى للمعنى الكلى مستلزم لوضع اللفظ الجزئي للمعنى الجزئي الا ان اللفظ الجزئي غير موضوع للمعنى الجزئي بالاستقلال بل بملاحظة المعنى الكلى انتهى فانه يرد اولا ان ما ذكروه من كون الموضوع في المقام عاما منطقيا وهو ما كان على زنة فاعل غير متجه إذ قضية ذلك ان يكون المفهوم المذكور موضوعا بازاء المعنى المفروض دون خصوص الالفاظ وقد عرفت انه في غاية البعد وثانيا ان اطلاق المشتقات على معانيها ________________________________________