فالكلمتان إذن في اللغة المصريّة معناهما: يا أنت أو يا رجل: انتبه! ولنحاول الآن أن نفسّر الآيات من 1 ـ 9 في ضوء هذه المعلومة: يا هذا (يا رجل أو يا حبيبي) انتبه إليّ، أو انتبه إلى ما يقال لك الآن! نحن لم ننزل عليك القرآن لتشقى به يا محمد وبسببه، بل أنزلناه عليك لتذكّر به من يخشى الله ويرهبه ويخافه، فالذي أنزله تنزيلاً هو الذي خلق الأرض والسماوات العالية المعجزة لمن سواه في خلقها، وهو الرحمان استوى على العرش استواءً يليق به، وله كلّ ما فيهما وما بينهما وما تحتهما. وإن ذكرت الله جهاراً فنحن أعلم به، وإن لم تجهر فنحن نعلمه أيضاً، لأنّني أنا الله لا إله إلاّ أنا، وصفاتي (الأسماء الحسنى) تعرفها (وتشتمل أيضاً على العلم بالجهر بالقول وما خفي منه). وكلمة «تذكرة» تحمل في ثناياها معنى الذكر، والذكر أيضاً يمكن أن يعني التاريخ (تاريخ من سبق) والتذكير به، ولهذا فالآية رقم: 9 تقول (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى..) إلى آخر قصّة موسى(عليه السلام)، والتي وردت بتفصيلها في هذه السورة الكريمة. * * * سورة (يس): وسورة (يس) تبدأ بالرمز يس، واعتقد بعض المفسّرين أنّه اسم للرسول (صلى الله عليه وآله)، بيد أنّ هذا الاجتهاد ينقصه الدليل والبرهان. وإذا حاولنا تطبيق منهجنا في تفسير هذا الرمز، فربما أتينا بتفسير مقنع يتّفق وسياق الآيات لغويّاً، ومن جهة المضمون كذلك. كلمة (يس) أصلها الكلمة المصريّة القديمة التي تنطق إيس أو إس أو يس، والتي تكتب هكذا: وتعني بالعربية: بل، إي، يقيناً، حقيقة[671].