نعم إذا استطعنا أن نصل إلى مستويات من التفاهم حول هذه الأسس وأمثالها فقد يكون من الطبيعي أن نصل إلى قدر مشترك من الفهم المتبادل لبعضنا بعضاً. ولست متشائماً في تحقق هذا الهدف إذا توافرت النية المخلصة والموضوعية المطلوبة لمعرفة الحقيقة. إنني أعتقد أن البشرية جمعاء تسير شيئاً فشيئاً نحو مرحلة فناء النزعات الإلحادية والظواهر الإنكارية لله تعالى، بالرغم من وجود بعض النتوءات الصغيرة دائماً. وهناك علامات كبرى تشير إلى هذا الاتجاه الحضاري نستطيع أن نشير منها إلى ما يلي: 1 - هذا الاتجاه العالمي لإقرار حقوق الإنسان، فإنه وبرغم أنماط الاستفادة السيئة من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان من قبل الدول الكبرى، إلا أنه يعبّر عن اتجاه معنوي نحو إقرار الحقوق الإنسانية التي نادت بها الأديان، وأي إنكار للجانب الروحي والفطري للإنسان يفقد الإنسان أي ادعاء للحقوق الإنسانية. 2 - هذا الاتجاه العالمي للجماهير نحو الحلول الدينية بعد فشل كلّ الحلول المادية. إنه اتجاه حضاري يحاول الماديون إنكاره. ويعمل المستعمرون على كبته وخنقه والتآمر عليه، إلا أنه اتجاه حقيقي، فالجماهير - سواء في العالم الإسلامي أو في غيره - أدركت ان السعادة الإنسانية إنّما تكمن في إحياء القيم المعنوية واستعادة وجودها في حال الإنسان. والأمر في العالم الإسلامي أوضح، فالجماهير الإسلامية اليوم تعمل على استعادة دور الدين في الحياة، وهي تتوسل بكلّ الوسائل المشروعة لإقامة نظام إسلامي للحياة بالرغم من كل العقبات التي توجد في طريقها. فالعصر اليوم هو عصر الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، وهو عصر الاتجاه نحو المعنويات كما عبّر الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في إيران.