وهذا النص يوضّح في نهايته علّة الحكم وتوجد نصوص أُخرى تشبهه. وأما الأحكام فقد رأينا الشريعة تمنع المستأجر من الإيجار بأعلى دون إنفاق عمل، وكذا تمنع من قيام من استؤجر على عمل باستيجار غيره لانجازه وبأجرة أقل، وكذا منع صاحب المال من تضمين العامل في عقد المضاربة فان صاحب المال مخيّر بين أمرين: أ ـ أن تمنح ملكيّة المال التجاري للعامل بعوض محدّد يدفعه العامل بعد الانتهاء من العمليّة التجارية وبذا يضمن العامل العوض ربح أم خسر ولا يشاركه صاحب المال التجاري في ربحه. ب ـ أن يحتفظ لنفسه بملكيّة المال ويشترك في الربح ولا يخسر العامل شيئاً لو خسرت الصفقة; لأنه لم يستهلك شيئاً من المال والعمل المخزون فيه وإنّما كانت الخسارة من جهة أُخرى، ولو حصل المالك على شيء نتيجة الخسارة لكان اكتسب شيئاً بدون عمل منفق. 3ـ ربط حرمة الربا بالناحية السلبية تعتبر الفائدة ـ في الرأسمالية ـ أجرة لرأس المال النقدي وهي لا تختلف ـ قانوناً ـ عن أجرة العقارات. إلاّ ان الإسلام بتفريقه بينهما كشف عن فارق نظري بينهما فإنّ الأجر إنّما هو نتيجة كون الإدارة تختزن عملا سابقاً يستهلكه المستأجر ولذا فهي أجر على عمل منفق، في حين أن الفائدة لا مبرّر لها في ذلك. وهكذا تختلف طبيعة الانتفاع بهما. ومن الأحكام التي تكشف عن الجانب السلبي. منع العامل في المضاربة من الاتفاق مع عامل آخر بنسبة أقل. 4ـ لماذا لا تشترك وسائل الإنتاج في الربح في حين يشارك العامل فيه؟ الحقيقة: ان الفرق ينبع من نظرية توزيع ما قبل الإنتاج التي قرّرت: ان العمل هو سبب الحقوق، وان الحق إذا اكتُسِبَ ظلَّ ثابتاً مادام العمل باقياً ولا يسمح لفرد جديد باكتساب حق آخر في تلك الثروة. وتجريد هذا العمل الجديد عن التأثير ناتج من سبق العمل الأول زمانيّاً، ولذا فلو فقد الأول تأثيره عاد الثاني مؤثراً. وهذا ما يحدث في عقود المزارعة والمساقاة والمضاربة والجعالة.