ثالثاً: الجوهرية في التوفير وعدم الاكتفاء بالتوفير القانوني دونما اهدار قيمة الحرية الشكلية فالرأسمالية إذا كانت توفر الحرية ـ بشكل قانوني ـ فانها تنتهي بالتالي إلى سلب هذه الحريات الاقتصادية بشكل حقيقي عملي من يد الاكثرية الساحقة، وانحصار القدرة على الاستفادة من الحرية القانونية بيد فئة... خاصة متحكمة بكل الموارد، والاشتراكية إذا كانت توفر مستوى معيناً من الضمان تسميه الحرية الجوهرية رافضة فكرة الحرية الشكلية القانونية. فان الإسلام يوفر درجة رائعة من الضمان أو ما يمكن ان يسمى بالحرية الجوهرية مع فسح المجال بشكل قانوني للارتفاع بالمستوى الحياتي عبر الاستفادة من السماح القانوني هذا. 3ـ التحديد الاقتصادي: بعد الحديث عن الحرية الاقتصادية كأصل يصل الدور للحديث عن التحديد وقبل ان نبين اساليبه العامة ينبغي التذكير بأمرين اساسيين: ـ الأول ـ ما مر سابقاً من ان تحديد الحرية نفسه يمتلك جذوراً فطرية، وان الاحكام الإسلامية الملائم لكمالها. وهذا المعنى أمر تؤكده روح الشريعة الإسلامية وقبل ذلك مسلمات العقيدة الالهية التوحيدية فالله تعالى إنّما خلق الكون برحمته. وإنّما يمد له الحياة باستمرار برحمته. وإنّما يهديه ويشرع له برحمته. لا ليكر ذاته سبحانه وتعالى. ولا ليشرع له أمراً لا يعود بالخير عليه. وإنّما الأمر يرتبط بمصالحه ومفاسده. يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) في مطلع حديثه لهمام عن صفات المتقين «فان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنياً عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه»، وهناك نصوص كثيرة بهذا الصدد نكتفي منها بحديث واحد: (عن الصدوق باسناده عن محمد بن عذافر عن أبيه عن أبي جعفر قال قلت له: لم حرم الله الخمر والميتة، ولحم الخنزير والدم فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده واحل لهم ما وراء ذلك من رغبة فيما احل لهم ولا زهد فيما حرم عليهم، ولكنه خلق الخلق فعلم ما تقوم به ابدانهم وما يصلحهم فاحله لهم واباحه لهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه ثم احله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلاّ به (1) فالتحديد اذن نابع من اسباب معنوية ومن هنا عبر السيد