ومن الضروري ان نشير إلى موقع مبدأ الحرية الاقتصادية من النظامين الرأسمالي والاشتراكي كمقدمة لبحثنا هنا، فهذا المبدأ يحتل مكانة المحور في النظام الاقتصادي الرأسمالي تماماً كمكانته في المجالات الأُخرى (غير الاقتصادية)، وعلى أساس منه تتم التشريعات التفصيلية ولا يجد له أي تحديد إلاّ مسألة المساس بحريات الآخرين أولا، والمصلحة العامة بشكل استثنائي ثانياً. ونعني بالثانوية هنا ان الرأسمالية تتصور الحرية الاقتصادية محققة في الاصل للمصلحة العامة أيضاً عبر التنافس الطبيعي. إلاّ أنها تستثني بعض الحالات تحت ضغط الواقع المخالف لهذا التصور. فتحدد الحرية الاقتصادية في التملك من خلال حصر مالكية البنوك المركزية مثلا بالدولة، وعدم السماح بتملك مناجم النفط مثلا ملكية خاصة، وامثال ذلك. إلاّ أن هذا الاستثناء كاد ان يطغى على الاصل في كثير من التشريعات الرأسمالية الأمر الذي حدا ببعض المفكرين الرأسماليين لطرح فكرة (التعادل بين الرأسمالية والاشتراكية) في الحياة الاجتماعية. وهي فكرة مال إليها الكثير من الاشتراكيين بعد ان رأوا بدورهم فشل الفكرة الاشتراكية المتطرفة في الانسجام مع الواقع الحياتي المعاش للانسانية. اما الاشتراكية فهي تركز في الاصل على عدم فسح المجال لأية حرية اقتصادية اللهم إذا كان ذلك بشكل استثنائي وقد سار المنحني الاستثنائي هذا مساره في المجال الرأسمالي حتى بلغ الإيمان بالوسطية الآنفة. ولن ندخل في تفصيلات هذه المواقف فانها تبعدنا عن هدف البحث وإنّما شئنا ان نمر بها مر الكرام. 2ـ الصفات العامة للحرية الاقتصادية في النظام الإسلامي: قلنا ان الإسلام اجمالا يؤمن بالحرية في اطار تحدده مسألة تكامل الإنسان والنظرية الاجتماعية الإسلامية المفضلة. ومن خلال ملاحظة مجموع الاحكام والمفاهيم المتعلقة بهذا الأمر نستطيع ان نلاحظ الصفات التالية للحرية الاقتصادية باعتبارها ظواهر عامة فيها وهي: أولا: الشمول لمختلف المجالات: فالإسلام يؤمن بالحرية الاقتصادية الموجهة في المجالات التالية وهي تستوعب المساحة الاقتصادية كلها. 1ـ مجال كسب الثروة.