المساواة ومبدأ العدالة الاجتماعية فمن الذي يُقدَّم؟ لاريب أن مبدأ العدالة هو المبدأ الذي يشهد الوجدان بإطلاقه وعدم قبوله للاستثناء فهو إذن يقيد مبدأ المساواة بل هو الذي يمنح المساواة شكلها المطلوب اجتماعياً. وإننا لنأسف أشدّ الأسف لهذه الموجة الدولية الكاسحة العمياء التي تُطرح دون رؤية حتى إنها تعترض على نظام الإرث الإسلامي متناسية أنه جزء من كلّ وأن هناك توازناً رائعاً بين هذا النظام ونظام النفقة وواجبات كلّ من الرجل والمرأة في الحياة الاجتماعية. مرونة النظام الاقتصادي الإسلامي: وهذا الموضوع إنّما يرتبط بخاصية المرونة في مجمل التشريع الإسلامي، ولكننا سنعرضه من الزاوية الاقتصادية. ومجمل الأمر فيه أن الإسلام عبأ هذا النظام بكلّ العناصر اللازمة التي تجعله قادراً على استيعاب المتغيرات الحيوية وهي في المجال الاقتصادي كثيرة وسريعةٌ لأنه مجال يرتبط بتعقيدات الحياة الاجتماعية للإنسان كما يرتبط بقدرة الطبيعة على العطاء، والظروف البيئية المناسبة وغير ذلك; ففرق كبير في مجال توزيع الأرض ومالكيتها بين حالة الوفرة الكاملة للمساحة الأرضية، والقدرة اليدوية الناقصة للإنسان، وحالة القلّة والضيق المتزايد نتيجةً لمعدلات النمو البشري من جهة، والقدرة التكنيكية الهائلة للإنسان على استصلاح الأرض. وهذا الفرق يمكنه أن يترك أثره على مسألة (الحيازة) المطروحة عاملا للملكية ومسألة التنمية الاجتماعية، ومسألة ملكية المعادن ومسألة الملكية العمودية للأرض عمقاً وارتفاعاً، ومسألة ملكية الطاقة وغير ذلك من المسائل المهمة. بل ربما ترك أثره في مسألة تغيير نوع وآثار العلاقة الملكية بحيث نجد بعض المجتهدين ينأون عن مسألة الملكية المطلقة للأرض، إلى موضوع (حق الاختصاص) الناشئ من الأثر الذي صنعه الإنسان فيها فإذا زال الأثر زال الحق وعادت مشاعةً ومباحةً تتصرف فيها الدولة الإسلامية حسب المصلحة العامة. ومن هنا نجد أن وجود عنصر الاجتهاد وفتحه مستمراً يمثل عنصراً من عناصر المرونة لا يمكن الاستغناء عنه، لمعرفة أثر التطورات على نوعية الحكم المستنبط من النصوص. على أن الإسلام طرح بعض القواعد الاقتصادية الواسعة وربطها بالمفهوم العرفي السائد،