الدولة لتنفيذ أحكام الاقتصادية الإسلامي، فهي إذن جزءٌ من الاقتصاد نفسه. ز ـ وقد أشرنا من قبلُ إلى العلاقة الوثيقة بين هذا النظام والنظام الأخلاقي، إلى الحدّ الذي يجعل هذا الأخير أحد الممهدات الرئيسية والعنصر الدافع للأمة لتطبيق النظام الاقتصادي، وتحقيق أهدافه إلى حد قد يتعذر الفصل فيه بين النظامين. ملاحـظة هامة وهنا نودّ أن نشير ـ استطراداً ـ إلى أن الإسلام قام بدراسة مجمل الحياة ووضع لها النظام الأصلح الذي يهديها إلى الهدف بأسلوب مدروس، وعلى أسس من العدالة والإنصاف، في حين نجد العالم الوضعي اليوم مازال يتخبط في نوعية النظام المطلوب لحفظ الكرامة الإنسانية، وتوزيع المسؤوليات وإقامة الحقوق، ولذلك تتهاوى النظم الاجتماعية واحداً تلو آخر وتعلن فشلها; ويبقى الإسلام ديناً قيماً لا عِوجَ فيه. ومثالا على هذا الأمر نركز على شعار يرفعه العالم الوضعي من خلال إعطائه صبغة دولية واسعة تحولت في الآونة الأخيرة إلى موجة عاطفية كاسحة وهي شعار المساواة بين المرأة والرجل في كلّ الأحوال وكلّ الحقوق وكلّ الموارد وكلّ الأزمنة والأمكنة ودون استثناء مهما كان، وهو ما وجدناه أخيرا مكرراً عشرات المرات في الوثائق المقدمة في مؤتمرات مكسيكوستي وبخارست والقاهرة، ووجدناه أخيراً قوياً وواضحاً في مؤتمر بكين الأخير حول المرأة، بل رأينا سند بكين يركز على مسألة (الإرث) بالخصوص وضرورة المساواة المادية الكاملة وكذلك القضاء وما يسميه بالحقوق الجنسية الحرة لجميع الأعمار وما إلى ذلك. وهذه كما نعتقد دعوة عمياء وإن كان لها مظهر جذاب ذلك أن المساواة من الأُصول التي يستحسنها الذوق الإنساني، لفردين متساويين حقاً من حيث الكرامة الإنسانية والانتماء الإنساني، وهما المرأة والرجل، ولكنها لا يمكن أن تشكل مبدأً عاماً لا يمكن الاستثناء منه، وذلك بملاحظة الفروق الطبيعية بين التركيبة البدنية والعاطفية لكلّ منهما، ونوع الوظيفة الاجتماعية التي يقوم كلّ منهما بها، ومدى مساهمة الرجل والمرأة في عملية البناء الاجتماعي بما يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة. فلا يمكننا والحالة هذه أن نرفع شعار المساواة الكمية دون أن نلحظ التوازن المطلوب وإلاّ وقعنا في الظلم وعدم الإنصاف وعندما يتعارض مبدأ