كتاباً وعلّمه كيف يرتّبها ويكمّلها. قال الشيخ النوري: إن الأستاذ الإمام كان يقول لي في بعض الأحيان: إنك مشارك لي في هذه الكتب وفي أجرها عند الله، وطال هذا العمل أكثر من خمسة عشر عاماً، وكان الشيخ النوري يعمل عمله مفرداً لا في لجنة، إما في بيته، وإما في بيت السيّد الأستاذ إلى جانب لجنة الحديث، فكان يأتينا كلّ يوم ويأخذ دفاتره من خزانة الكتب التي كانت في الغرفة، ويجلس زاوية ويكتب، ولا أنسى أنه في كلّ يوم يدخل الغرفة ينادي نبياً من الأنبياء مثلاً (ياشعيب) أو (يا ذا الكفل) أو غيرهما من أنبياء بني اسرائيل وكان هذا نوع من الفكاهة منه، وفي بعض الأيام حينما كان يدخل الغرفة، أنا كنت أبتدأه بالكلام: شيخنا اليوم النوبة لأي الأنبياء؟ فكان يقول مثلاً جرجيس»!!!. وحينما كان يشتعل البحث بين أعضاء لجنة الحديث في شيء من عملهم ـ وكان كثيراً ما يقع وترتفع الأصوات إلى أن تتحول المباحثة إلى نوع من المنازعة ـ فكان الشيخ النوري يستمع إلينا، وربما يتدخل في البحث مازحاً بكلمة أو كلمتين من أجل المصالحة وإدخال السرور. لقد عشنا حوالي سبع سنين هذا العمل، ومن ذلك الحين استحكمت الصداقة بيني وبين الشيخ النوري واستمرت هذه الصداقة إلى آخر أيام حياته ـ وقد توفي رحمه الله في تاريخ (1410 هـ . ق) وهو راحل إلى بلدة (سيرجان) لإلقاء الخطابة ـ وكان خطيباً بارعاً ـ في شهر رمضان هناك، على اثر حادث السيارة، هو مع عدد ممن كانوا معه في تلك الرحلة فتأثرنا كثيراً: وأقول هنا بصراحة إنه في طول هذه السنين الطوال التي قاربت الأربعين سنة، لم يكن لي صديق أقرب منه إليّ وكان