وقد انتظمت الجوامع الحديثية على حساب موضوع الحديث دون اسم الراوي ـ اندثرت تلك المصادر وباندثارها ذهب ذلك الانسجام والتوالي الذي كان مشهوداً بين روايات رجل واحد في كتابه أو أصله، إلاّ أنّ تلك الأصـول لما كانت في متناول الأيـدي إلى أزمنة لا يعلم حدها بالضبط، لم ير القدماء حاجة إلى تدوين مسانيد الرجال، وأما في هذا الوقت الذي نعيشه وقبله بعدة قرون حيث ضاعت تلك الأصول التي قلنا أنها كانت بمنزلة المسانيد ولم يبق منها إلا القليل النادر، فالآن نُحس إحساساً ملموساً بضرورة جمع الروايات وترتيبها على حساب الرجال بصورة المسانيد ليعود الأمر إلى ما كان ويسهل النظر فيها ولمعرفة حال رواتها من خلالها. والحق أنّ المحققين من علماء الرجال كانوا يراجعون إلى متون الروايات وأسانيدها وكذلك إلى ما ورد بشأن كلّ رجل في كلمات أئمة الرجال أو في أحاديث أهل البيت. فمن راجع كتاب (رياض العلماء) للعلامة المتتبع الميرزا عبد الله الأفندي الإصفهاني وقد طبع في الأعوام الأخيرة باهتمام آية الله المرعشي رحمه الله، وقد كان هذا الكتاب عند العلامة المامقاني حين تأليف كتابه (منتهى المقال) واستفاد منه كثيراً وكذلك كتاب (جامع الرواة) للمحقق الاردبيلي (م1101هـ) المعاصر للعلامة المجلسي وقد جمع نسخ الكتاب الإمام البروجردي وأمر بطبعه بإشراف الحاج ميرزا حسن النوري رحمه الله، ومن مميزات هذا الكتاب الأخير أنه راجع لمعرفة شيوخ الرواة إلى كثير من أسانيد الكافي والتهذيب وغيرهما وسمعتُ أن أستاذنا البروجردي كان يقول النسبة بين عملي في ترتيب الأسانيد وبين هذا الكتاب: (جامع الرواة) العموم