منها لحد الآن عدة مجلدات والقائم بجمعها وتأليفها العالم المتتبع الشيخ عزيز الله العطاردي نزيل مشهد. أما الذي بقي في ذمة الزمان، هو جمع روايات كلّ واحد من أصحاب الأئمة عليهم السلام المعروفين بكثرة الرواية عنهم، وقد اشتغل به بعض أعضاء لجنة الحديث في حياة الإمام البروجردي ولا علم لي بما آل إليه أمره، فهذا هو الذي يُفيدنا معرفة كبرى بحال الرواة مما يحتاج إليه الفقيه، أمّا جمع روايات إمام واحد فيوقفنا على مدى توفر اتصال الشيعة بأئمتهم واكتساب رواياتهم، وإلا فلا يزيدنا معرفة بحالهم وعلمهم، فإنهم نور واحد حسب ما ثبت في المذهب. نعم ربما يعلم منها ما كان شائعاً من المسائل في عصر كلّ إمام حيث كان يرجع الناس إليهم ويسألون عنها كما يعرف من خلال ذلك عدد من روى عنهم. أما إذا حصلت لدينا هذه الكتب أي مسانيد رجال الأئمة عليهم السلام، فهي خير وسيلة للإحاطة بأحوالهم. وفي رأيي أن الموجب لعدم اهتمام طائفتنا قديماً بسدّ هذا الفراغ، والقيام بتأليف مسانيد الرجال أن أكثر الرواة القدامى سواء الذين أخذوا عن الأئمة مباشرة، أو الذين لم يرووا عنهم إلا بالواسطة، كانوا قد جمعوا حديثهم في كتاب، والأصول الأربعمائة المعروفة ـ وهي تحتاج إلى الحديث عنها طويلا ـ وكثير غيرها مما نسب إلى أصحاب الأئمة كانت من هذا القبيل، فهي كانت تعتبر بمنزلة المسانيد لهؤلاء الرواة، ولكنها مع الأسف لم تصل إلينا كما هي، سوى ما نقل عنها في ثنايا كتب الحديث المعروفة، فإنه لما ظهرت الجوامع الحديثية في القرن الثالث فما بعده وجمعت بين دفتيها ما كانت في تلك الأصول والكتب من الروايات ـ